بحث هذه المدونة الإلكترونية

مشاركة مميزة

تلخيص جميل لمؤلف ظاهرة الشعر الحديث لاحمد المعداوي

ظاهرة الشعر الحديث تمهيد: لا يخفى علينا جميعا أن هناك تعددا في الدراسات النقدية التي تخوض في إشكالية الشعر الحديث، لكن رغم ...

الجمعة، 17 أبريل 2015

منهجية التطوير و التجديد


منهجية التطوير و التجديد


                                                               
منهجية التطوير و التجديد



جاء خطاب التطوير و التجديد ليبني أبراجه على أنقاظ خطاب البعت و الاحياء أتيا بمواضيع جديدة من قبل التمجيد المفرط للطبيعة حيث ظلت هي العالم المثالي الذي اتخدت عنه أغلب رواد هذا الاتجاه الشعري . والقصيدة التي بين أيدينا هي للشاعر (....) الذي ترك بصمة قوية أترت بشكل كبير على مجريات ومصار هذا الاتجاه وقصيدته هاته جاءت معنونة ب (....) فالعنوان دلاليا يوحي (....) وفي حالة عدم وجود العنوان انطلاقا ( من دراسة البيت الاول والأخير ) اذن فان الفرضيات الني تطرح نفسها هي : ربما الشاعر يتحدت عن .... أو ربما يتحدت عن ..... وقد يتحدت عن ..... هذه الفرضيات المطروحة تحتم علينا طرح مجموعة من الاشكاليات : فما هو الموضوع الرئيسي داخل خبايا القصيدة ؟وماهي الوسائل التي سخرها شاعرنا لايصال رسالته للمتلقي ؟وما مذى تمثيلية النص للخطاب الذي ينتمي اليه ؟للايجابة عن كل هذه الأسئلة سنفوم بتسليط الأظواء على خبايا القصيدة لعلنا نجد جوابا متكاملا لكل هذه التساؤلات .ان مضمون القصيدة هو مضمون عبر عنه الشاعر بكل حماس وهو يتناول (5 أسطر ) ان هذا المضمون يعتبر من المضامين التي خلدت المدرسة الرومانسية فهو يخاطب (.. الطبيعة ..) باجلال . و للتعبير عن هذا المضمون وجد شاعرنا نفسه مظطرا للاستنجاد بمجموعة من الوسائل . فأولها المعجم الذي ينقسم الى حقلين دلاليين حقل دال على (....) و حقل دال على (...) فيما يخص ألالفاض الذي يعبر عن الحقل الأول هي (....) وأما ألالفاض الذي يعبر عن الحقل التاني (....) من خلال هذه الألفاض يتضح هيمنة الألفاض الدالة على (....) اذن العلاقة بين الحقلين هي علاقة ( تكامل أو تناقض ) لأن (.....) اذن يتضح أن المعجم هو معجم بسيط استعمل فيه ألفاض سهلة وهو ما يجعلنا نقول أن المدرسة الرومانسية عرفت تجديدا حتى على مستوى اللغة.ولرغبة الشاعر في ضمان وصول رسالته الي المتلقي في أحسن الظروف نجده قد سخر مجموعة من الصور الشعرية تنوعة وتفرعت بين التشبيه و الاستعارة و المجاز فالتشبيه كقوله في البيت (...)(شرح التشبيه) .أما الاستعارة فجاءت في البيت (...) {حيت استعار ...من صفات...وأعطاها ...} والنص يزخر بمجموعة من الصور المجازية .وهكذا نجد أن هده الصور قد أظفت على القصيدة صبغة جمالية من جهة ومن جهة أخرى ضمنت ايصال أحاسيس الشاعر في حالة من الابداع و الروعة ولعل شاعرنا لم يقف عند هذا الحد وانما نجد أن قصيدته قدمت في (نظام الشطر موضة جديدة )(نظام الشطرين قدمت في قالب تقليدي )ونجد أن القصيدة قد خظعت لم يسمى بالتصريع ,و كذلك هناك ما يسمى بالتدوير الذي نلاحظه في البيت(أحم د)والقصيدة جاءت (موحدة الروي أو متعددة الروي ) أما على مستوى القافية فقد جاءت موحدة .أما على مستوى البنية الايقاعية الداخلية فان القصيدة قد عرفت تكرار مجموعة من المرادفات (...)وتكرار مجموعة من الكلمات(...)وكذلك لاننسى تكرار الروي الذي أظفى على القصيدة نغمة موسيقية .وهكذا نجد أن البنية الايقاعية {(في حالة وجود نظام الشطرين و الروي الموحد)}لم تخرج عن المالوف وانما اتبعت خطوات الشعر الكلاسكي بصفة خاصة و الشعر القديم بصفة عامة .{(في حالة وجود نظام الشطرين والتنوع في الروي)}جددت ثارة و قلدت تارة اخرى فالتجديد يلاحظ على مستوى التنويع في الروي أما التقليد فيلاحظ في حفاظه على نظام الشطرين {( في حالةعدم وجود نظام الشطرين والتنوع في الروي)} تمرضت على القواعد الأساسية للشعر العربي ويتضح ذلك على مستوى تبنيها للنظام السطر و التنويع على مستوى الروي ويلاحظ من خلال القصيدة من خلال القصيدة أن الشاعر قد سخر مجموعة من الأساليب تفرعت الى شقين أساسيين .فالشق الأول يتمثل في الأسلوب الخبري والذي تعبر عنه الالفاظ التالية (دهبت...)أما الشق الثاني فيتمثل في الأسلوب الانشائي الذي جاء في صيغة (نداء _استفهام_تعجب _امر).يلاحظ أن الأسلوب المهيمن هو الأسلوب الخبري نظرا للرغبة الملحة للشاعر في اخبار المتلقي عن كل مكنوناته وأحاسيسه التى طالما عبر عنها في كل محتويات القصيدة وبعد هذه أشواط من التحليل يمكن أن نقول أن خطاب التطوير و التجديد قد عمل على صياغة منظور جديد في القصيدة العربية,فنجده قد عمل على استحدات مواضيع جديدة مخالفة للمالوف و مغايرة لما رايناه في خطاب البعت و الاحياء .فقد استحدت على مستوى المضمون و الشكل وتجديد نظام السطر بنضام الشطرين ,لكنه حافظ على مستوى الشكل ,فحتى على مستوى اللغة نجد لغة سهلة بسيطة قادرة على الفهم اذن يمكن أن نقول أن خطاب التطوير و التجديد جعل القصيدة العربية تقفز قفزة نوعية في أفق السعي نحو التغيير.

منهجية المسرحية

                                                                     

                                                              
منهجية
 منهجية المسرحية
المسرحية



أمام سرعة التحولات الاجتماعية وجد الأدباء أنفسهم مرغمون على ايجاد جنس أدبي يكون بمثابة المراة التي تعكس كل ما يقع داخل المجتمع .فوجدو ظالتهم في المسرح الذي هو من فنون النثر وهو أقرب الى المجتمع من أي فن ادبي اخر .و المسرحية التي بين ايدينا هي للكاتب (.....)الذي ترك بصمة قوية في الكتابة المسرحية .و مسرحيته هاته جاءت معنونة (.....) فدلاليا العنوان يوحي بان (....) اذن الفرضيات التي تطرح نفسها انطلاقا من الدراسة السابقة للعنوان هي :ربما المسرحية تعالج موضوع ..... وقد تعالج موضوع ..... أو ربما تعالج موضوع.... هذه الفرضيات المطروحة تحتم علينا طرح مجموعة من الاشكاليات : فما هي يا ثرى القضية المعالجة في سطور المسرحية ؟ وماهي أهم الأساليب و الخصائص التي وظفها الكاتب لتقديم مسرحيته في أبهى و اجمل موظة ؟ ومامذى تمثيلية المسرحية للخطاب النثري الذي تنتمي اليه ؟للاجابة عن كل هذه التساؤلات سوف نقوم بتسليط الأضواء علي مختلف جوانب النص المسرحي لايجاد أجوبة لمخثلف هذه الأسئلة بدءا بالقضية المطروحة للنقاش وانتهاءا بالخصائص الفنية
ان الحدت المعالج داخل هذه المسرحية هو (...7 أسطر...)أما الشخصيات التي عبرت عن هذا الحدت فانقسمت الى شخصيات رئيسية و شخصيات ثانوية فالشخصيات الرئيسية هي (.....) أما الثانوية فهي (....) هذه اشخصيات تجمع بينهما علاقة صراع (.........) وايضا نجد علاقة تفاهم (.....) وأيضا نجد الحوار يتمثل في الحوار الذي دار بين (عمر و فاطمة ) و الحوار الذي دار بين (....) والحوار الذي دار بين (....) وأيضا الزمان كقوله (....)فهذا الزمان يوحي ب (.....) وأيضا نجد المكان او مايصطلح عليه بالفضاء الذي يتجلى في (....) هذا الفضاء دلالاته تتجلى في (......) اذن يمكن القول أن الزمان و الفضاء عنصران أساسيان في الكتابة المسرحية .أما الغة فنجدها لغة سهلة .واضحة قائمة على السرد و الحوار .كذلك نجد اسلوب الوصف فهو وصف الشخصيات (......) ووصف الفضاء (......) وأيضا وجود بعض الأساليب فنجد أسلوب النداء (....) وايضا أسلوب الاستفهام (....) وكذلك التعجب (....) وايضا الامر(.....)اذن بعد هده الأشواط من التحليل يتظح أن الكتابة المسرحية أضحت عنوان بارزا في الأدب العربي فالمسرحية التي بين أيدينا هي نمودج حي لجملة من المسرحيات كانت و مازالت بمثابة المراة العاكسة لصورة المجتمع ولعل المسرحية التي بين ايدينا أعطت المثال الحي على ذلك فهي متكاملة متناسقة على مستوى الشكل و المضمون.

منهجية المقالة

منهجية المقالة

منهجية المقالة




امام سرعة التحولات الاجتماعية التي شهدها المجتمع العربي . الادب الحديت نهصة شملت جل انواعه .فضهرة انواع ادبية جديدة .وفي المقابل تطورت اخرى وذلك لمسايرة التغيرات الاجتماعية ومن ضمن هذه الانواع الادبية نذكر على سبيل المثال لا حصر فن المقالة وهي فن من فنون النثر ظهرة بظهور الصحافة و استمدة مقوماتها من فن الرسالة قديما و المقالة الغربية حديثا .ومن الكتاب الذين تركوا بصمة قوية في هذا الشكل الادبي نذكر الكاتب (.....)الذي ساهم بابداغاته في اغناء واثراء فن المقالة .ومن خلال العنوان (......)نجده يتكون من (......)فدلاليا العنوان يوحي ب (......) اذن الفرضيات التي يمكن طرحها انطلاقا من هذه الدراسة البسيطة لهذا العنوان هي ربما الكاتب يتناول قضية ......او ربما يتناول قضية ......او ربما يتناول ......اذن الاشكاليات التي تطرح نفسها من خلال هذه الفرضيات ماهو موقف صاحب النص المعبر عنه في هذه المقالة ?وماهي الاساليب التي اعتمدها لاصال موقفه الي القارئ .وهل هذه المقالة هي مقالة موضوعية ام فنية .وماهو مقصد الكاتب من خلال هذه المقالة .هل هو اقناعي ام اخباري ام توجيهي ام وضعي .للاجابة عن كل هذه التساؤلات سوف نقوم بالغوص في اعماق هذا النص لاستقطاب معانيه بدءا بمضمونه و انتهاءا بالخصائص الفنية للمقالة الادبية .
وهكذا نجد الكاتب يعالج قضية (...5 اسطر ...)و هكذا نجد ان صاحب النص موقفه يتجلى (..1سطر اي الفكرة العامة ) وقد اعتمد علي مجموعة من الوسائل تتجلي في مجموعة من الاساليب فنجده قد استعمل الاسلوب الاستنباطي
حيث انتقل في عرض قضيته من العام الي الخاص حيث نجده يتجلي في بدء المقالة ب( ....و.انتهي ب..)اما ان كان استقرائي فعكس ذلك .وقد استعمل مجموعة من الحجج و البراهين لياكد علي سلامة موقفه .هذه البراهين تتجلى في (......) وابضا نجده قد وضف اسلوب الوصف (.....) وايضا اسلوب التعريف الذي يتجلي في (.....) كذلك نجد اسلوب التماثل حيث مثل (.......)كما نجد مظاهر الاتساق و الانسجام حاضرة في المقالة حيث نجد الربط المثنوي كقوله (..........) وكذلك نجد الربط الجمعوي كقوله (.....) وايضا نجد الاحالة المقامية حيث اتخد الكاتب ضمير المتكلم (انا) وايضا نجد الاحالة النصية حيث استعمل ضمير الغائب (هو) بينما الغة هي لغة واضحة سهلة تملك قدرة كبيرة علي الاقناع وهكذا نجد ان المقالة اتخدت طابعا منهجيا حيت ابتدات بمقدمة مرورا بعرض مفصل و انتهاءا بخاتمة .بعد قطعنا كل هذه الاشواط التحليل يمكن القول ان المقالة تعالج موضوع (.....) حيث تمكن الكاتب من التعبير عن رايه باستوفائه كل الخصائص و الاساليب وما يمكن ان نقول ان المقالة اصبحة جنس اذبي متداول تعبر عن قضايا والمقالة التي بين ايدينا لم تخرج عن الاساليب المعهودة حيت وضفة جملة من الاساليب نذكر علي سبيل المثال لا الحصر اما الاسلوب الاستنباطي ام الاستقرائي
و الوصف و التعريف .و اساليب اخري .وفي النهاية يمكن ان نقول ان هذه المقالة هي امتداد لاعمال الكاتب (.....) الذي صنع لنفسه زاوية داخل هذا الفن حيث صارت منبع ابداعاته.

منهجية القصة و الاقصوصة

منهجية
منهجية القصة
القصة و الاقصوصة

لقد عرف الادب العربي قفزة نوعية فقد انتقل من المنظومة الشعرية مرورا بالمقالة الادبية و انتهاءا بالقصة او الاقصوصة حيث ظلت القصة او الاقصوصة مرأة تعكس ما يجري داخل المجتمع فبرز قصاصون ابانوا عن مذى نبوغهم في هذا المجال ومن بين القصاصين نجد القصاص (....) الذي ترك بصمة قوية عادة بالنفع على هذا الجنس الادبي و لعل قصته هذه قيض الدرس و التي تحمل العنوان (....) .اما في حالة عدم وجود العنوان نقول جاءت قصته هاته مفتقرة للعنوان فسوف نقوم بدراسة مجموعة من الالفاظ .

ومن خلال الدراسة الدلالية للعنوان (....) فان الفرضيات التي تطرح نفسها هي ربما القصاص يتحدث عن ......او ربما يتحدث عن ....... او قد يتحدث عن ....... ولعل هذه الفرضيات جعلتنا نقوم بطرح مجموعة من من الاشكاليت .فما هي يا ثرى القضية المعالجة داخل قصة (اسم القصاص ) وماهي اهم الخصائص الفنية التي امتازبها هذا الجنس الادبي ؟ وكيف عمل القصاص على تمثيل الفن القصصي ؟ للاجابة عن كل هذه التساؤلات سوف نقوم بدراسة متانية لكل جوانب القصة بدءا بالمضمون وانتهاءا بالخصائص الفنية.

فمند الوهلة الاولى يتضح ان القصة تعلج موضوع (....5 اسطر ..) يتضح أنالمتن الحكائي هو موضوع اجتماعي عبر عنه ( القصاص) بكل احترافية .و نجد قد و ظف في قصته هاته مجموعة من الاساليب . فقد نجد قد استعمل اسلوب ( اما حواري او سردي ) ومن خلال هذا الاسلوب يتضح ان القصة في بنيتها اتخدت طابعا( اما حلزوني او عادي ) ويتصح ان القصاص قد وظف في قصته هاته مجموعة من الشخصيات او القوى الفاعلة تارجحة بينما هو رئيسي و ثانوي .

فالشخصيات الرئيسية هي (....) واما الشخصيات الثانوية فهي (....) اما العلاقة بين الشخصيات مثلا علاقة (تكامل فاطمة –محمد ) وعلاقة( استغلال رب العمل بالعامل ) والحديث عن الاسلوب السردي الذي وضعه القصاص يدفعنا للحديث الى الزاوية التي تموضع فيها السارد فيتضح ان الؤيا من (خلف او من امام ) لانه يعرف كل صغيرو و كبيرة عن ابطاله .اما ان كانت من امام فانه يجهل بعض جانب عن ابطاله .

وايضا يجب ان نتكلم عن الحوار بين الشخصيات .فهو ينقسم الى حوار داخلي و حوار خارجي . فبانسبة للحوار الداخلي يعبر عن مشاعر الشخصيات . و الحوار الخارجي يسلط الاضواء على الاشخاص فقط و نجد الزمن حاضر في القصة كذلك قول القصاص (....) *دلالة الزمن على كل حدة * اما المكان فهو حاضر كذلك نجده يتمثل في التالي (الغرفة ... المنزل )* توضيح دلالة كل مكان * اذن نجد ان هذه القصة منسجمة على كل المستويات . فالمضمون الموظف هو طالما اسيلت حوله اقلام القصاصين ولما لاو هو يعد احدى المواضيع الشائكة .كما ان القصة عرفت حظورا على مستوي الخصائص تجلي في توظيف القصاص في مجموعة من الشخصيات عبرت مجرى الاحدات و كذلك الرؤيا (...) التي جعلت السارد يلم من كل الجوانيب .اذن يمكن ان اقول ان الفن القصصي 
هو اظافة للادب العربي بصفة عامة و للجانب النثري بصفة خاصة .

الأربعاء، 15 أبريل 2015

تلخيص جميل لمؤلف ظاهرة الشعر الحديث لاحمد المعداوي






ظاهرة الشعر الحديث


تمهيد:

لا يخفى علينا جميعا أن هناك تعددا في الدراسات النقدية التي تخوض في إشكالية الشعر الحديث، لكن رغم هذا التعدد تبقى دراسة أحمد المعداوي( المجاطي) من بين أبرز الدارسات النقدية وأهمها، التي تعرضت لظاهرة الشعر الحديث بالدرس والتمحيص،إلى جانب دراسات مجموعة من الشعراء النقاد نذكر منهم: أدونيس ومحمد بنيس وإلياس خوري وعبد الله راجع و… ونرى أن المعداوي قد قارب كل الجوانب التي تدور حول هذه الظاهرة، اذ تعتبر مقاربته هذه محط اهتمام العديد من المفكرين والأدباء، ليس فقط على الصعيد الوطني بل حتى الصعيد العربي.

ومن المعلوم أن أحمد المعداوي قد تميز في دراساته الأدبية النقدية، ولاسيما في كتابيه: ” ظاهرة الشعر الحديث” و”أزمة الحداثة في الشعر العربي الحديث” بخبرة كبيرة في الطرح والتحليل وجدية المقاربة، التي تجمع بين التأريخ والتنظير والتحليل وممارسة النقد.

بنية الكتاب:

يحوي هذا الكتاب 171 صفحة من الحجم المتوسط، ويضم قسمين رئيسيين: الأول بعنوان: نحو مضمون ذاتي، والثاني بعنوان: نحو شكل جديد. أما عدد الفصول فهي أربعة، وردت على الشكل الأتي:

الفصل الأول: التطور التدريجي في الشعر الحديث

الفصل الثاني: تجربة الغربة والضياع

الفصل الثالث: تجربة الحياة والموت

الفصل الرابع: الشكل الجديد

ويلاحظ أن الكتاب تلخيص لما قدمه المؤلف في رسالته الجامعية “حركة الشعر الحديث بين النكبة والنكسة (1947-1967م)”، وما كتبه في أطروحته الجامعية عن “أزمة الحداثة في الشعر العربي الحديث”، ،ويعني هذا أن الكتاب ما هو إلا توفيق بين أطروحاته الواردة في رسالته الجامعية، وأطروحته التي أعدها لنيل دكتوراه الدولة في الأدب العربي الحديث.

سنحاول في دراستنا هذه أن ندرس جميع الفصول الاربعة دون استثناء، لكن قبل الخوض في تفاصيله، دعونا نشير إلى أهم المحطات في حياة صاحب هذا الكتاب الذي بين أيدينا أحمد المعداوي المعروف بالمجاطي.

فهو من مواليد سنة 1936م بالدار البيضاء، تلقى دراسته الابتدائية والثانوية بين الدار البيضاء والرباط،. حصل على الإجازة في الأدب العربي من جامعة دمشق، كما نال دبلوم الدراسات العليا من جامعة محمد الخامس بالرباط سنة 1971م تحت إشراف الدكتور أمجد الطرابلسي، وكان موضوع رسالته: “حركة الشعر الحديث بين النكبة والنكسة (1947-1967م)”، كما حضّر دكتوراه الدولة حول أزمة الحداثة في الشعر العربي الحديث، وقد مارس أحمد المعداوي الملقب بأحمد المجاطي كتابة الشعر والنقد، كما امتهن التدريس بجامعة محمد بن عبد الله بفاس منذ 1964م ، وبعد ذلك انتقل للتدريس بكلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط،، وكان من المؤسسين الأوائل لحركة الحداثة في الشعر بالمغرب، وقد فاز بجائزة ابن زيدون للشعر التي يمنحها المعهد الإسباني/ العربي للثقافة بمدريد لأحسن ديوان بالعربية والإسبانية لعام 1985م على ديوانه الشعري “الفروسية”. كما فاز بجائزة المغرب الكبرى للشعر سنة 1987م، وانتخب رئيسا لشعبة اللغة العربية بكلية الآداب بالرباط منذ 1991م، وكان عضوا بارزا في تحرير مجلة” أقلام” المغربية التي كان يترأسها كل من عبد الرحمن بن عمرو وأحمد السطاتي ومحمد إبراهيم بوعلو، ومثل المغرب في مهرجانات عربية عدة…

-Iالقسم الأول : نحو مضمون ذاتي

الفصل الأول: التطور التدريجي في الشعر الحديث

يؤكد أحمد المعداوي في الفصل الاول من الكتاب أن حركة تطور الشعر العربي مرهونة بتوفر شرطين أساسيين هما:

1- الاحتكاك الفكري بالثقافات والآداب الأجنبية:

وقد تحقق شرط الاحتكاك الفكري في الشعر العربي منذ العصر العباسي والأندلسي، فأثمر تجارب متميزة نمثلها بالمتنبي وأبا نواس والمعري وبشار ابن برد، كما تحقق هذا التطور فنيا في شعر الموشحات الأندلسية على مستوى الإيقاع العروضي، أما العصر الحديث فأثمر تيارات تتفق على الخروج بالشعر من إطار التقليد إلى حدود التجربة الذاتية.. وفي هذا الصدد يقول أحمد المجاطي:” غير أنه لابد من القول بأن الشاعر العربي لم يكن يتمتع من الحرية بالقدر المناسب، ذلك أن النقد العربي قد ولد بين يدي علماء اللغة، وأن هؤلاء كانوا أميل إلى تقديس الشعر الجاهلي، وأن المحاولات التجديدية التي اضطلع بها الشعراء في العصر العباسي، لم تسلم من التأثر بتشدد النقد المحافظ. لا، بل إن هذا النقد هو الذي حدد موضوع المعركة واختار ميدانها، منذ نادى بالتقيد بنهج القصيدة القديمة، وبعدم الخروج عن عمود الشعر، فأصبح التجديد بذلك محصورا في التمرد على هذين الشرطين، وفي ذلك تضييق لمجال التطور والتجديد في الشعر العربي“.

2- التوفر على قدر من الحرية كي يعبر الشعراء عن تجاربهم :

إلا أن غياب شرط الحرية ضيق مجال التطور في الشعر العربي، خاصة عند هيمنة علماء اللغة على النقد الأدبي فقد قدسوا الشعر الجاهلي، وجعلوا من قصائده المثال والنموذج المحتذى، مما فرض على تيارات التجديد التدرج في تطوير الشعر العربي.

وقد عرف الشعر العربي الحديث حركات تجديدية كثيرة، ارتبطت بنكبة فلسطين وهزيمة 1967 التي زعزعت الوجود العربي التقليدي، وفسحت مجالا واسعا للحرية ، مما هيأ المجال لظهور حركتين تجديديتين في الشعر العربي الحديث:

- حركة اعتمدت التطور التدريجي في مواجهة التقليد (التيار الذاتي: الديوان، الرابطة القلمية، جماعة أبولو).

- حركة ظهرت بعد انهيار التقليد وكان التجديد عندها قويا وعنيفا، يجمع بين التفتح على المفاهيم الشعرية الغربية والثورة على الأشكال الشعرية القديمة، بغرض التعبير عن مضامين نجمت عن معاناة الشاعر وواقعه الذي تشكل هزيمة 1967 ونكبة فلسطين 1947، إضافة إلى الشعور بالاغتراب في عالم بدون أخلاق (الشعر الحر).

وبهذا الصدد يرى المعداوي أن الاتجاه إلى الذاتية جاء بمثابة رد على الحركة الإحيائية، التي اتجهت نحو محاكاة الأقدمين دون أن تولي ذات الشاعر أهمية كبرى، ووقفت وراء هذا الاتجاه جملة من العوامل والأسباب:

عوامل تاريخية: تتجلى بالأساس في امتداد الرغبة في التطوير عبر العصور، واتساع مجال التفتح على ثقافات الأمم الأخرى.

عوامل فكرية : ونجملها في التشبع بالمفاهيم الشعرية الغربية(عامل مؤيد)، وهيمنة علماء اللغة على النقد العربي (عامل معارض).

عوامل سياسية : متمثلة في أن غياب الحرية فرض وتيرة التدرج في تطور الشعر العربي(عامل معارض)، كما أن نكبة فلسطين شجعت على التحرر والثورة بكل قوة وعنف(عامل مؤيد).

عوامل اجتماعية: وتتمثل في التشبث بالوجود العربي التقليدي المحافظ(عامل معارض)، وكذا انهيار عامل الثقة في الوجود العربي التقليدي(عمل مؤيد).

ولمزيد من التوضيح نورد فيما يلي ظروف نشأة كل تيار أدبي على حدة، وأهم خصائصه وأبرز ممثليه.

1- التيـــــار الإحيـــــائي:

يقوم التيار الإحيائي في الشعر العربي الحديث على محاكاة الأقدمين وبعث تراثهم الشعري، عبر إحياء الشعر العباسي والأندلسي لنفض رواسب عصر الانحطاط ومخلفات كساد شعره، عن طريق العودة إلى القصيد العربية في عصر ذروتها وازدهارها، فعارضوا لغة القدماء وأساليبهم البيانية واقتفوا آثارهم في المعاني والأفكار، مهما اختلفت موضوعاتهم ومناسباتها.

ومن أهم الشعراء الذين تزعموا هذا التيارنجد محمود سامي البارودي وحافظ إبراهيم وأحمد شوقي ومحمد الحلوي ومحمد بن إبراهيم، فعاشوا على أنقاض الماضي والتوسل بالبيان الشعري القديم وبعث اللغة البدوية ؛ ومن ثمة

كانت نقطة التحول / التجديد الأولى في الشعر العربي الحديث تقليدية، التفتت إلى التراث أكثر مما التفتت إلى ذات الشاعر وواقعه.

غير أن شعار العودة إلى الماضي سرعان ما أزيح ليقوم مقامه شعار آخر، هو البحث عن الذات الفردية وتوكيدها، فترك الإحيائيون الباب مفتوحا في وجه التيار الجديد الذي ولد في أحضان هذه الدعوة، وجعل الاستجابة لنوازع الذات شعاره الأول.

2- الـــتيار الـــذاتــي:

ظهرهذا الاتجاه(الذاتية) في أول الأمر مع جماعة الديوان وممثليها:عباس محمود العقاد، وعبد الرحمن شكري، وعبد القادر المازني، لكنه لم يكتمل إلا مع جهود شعراء الرابطة القلمية في المهجر( إيليا أبو ماضي، وميخائيل نعيمة، وجبران خليل جبران،…) وجماعة أبولو( أحمد زكي أبو شادي، وأحمد رامي،وأبو القاسم الشابي، ومحمود حسن إسماعيل، و عبد المعطي الهمشري، والصيرفي، وعلي محمود طه، وعلي الشرنوبي، ومحمود أبو الوفا، وعبد العزيز عتيق…) في أواخر العقد الأول من القرن العشرين لأسباب سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية.

أ- جماعة الديوان:

سميت بهذا الاسم نسبة إلى الكتاب الذي اشترك في تأليفه عباس محمود العقاد وعبد القادر المازني عام 1921?الديوان في الأدب والنقد”، ولم يشارك فيه عبد الرحمان شكري لخصومة بينه وبين المازني. وقد حرصت هذه الجماعة في دعوتها على التجديد من خلال استيفاء القصيدة الشروط التالية:

- أن تكون معبرة عن وجدان الشاعر ومجسدة لصدقه ومعاناته

- أن تتسم بالوحدة العضوية وتنوع القوافي

- أن تعتني بتصوير جواهر الأشياء، وسبر أغوار الطبيعة والتأمل فيما وراءها.

- أن تتجنب التشبيهات الفارغة وأشعار المناسبات والمدائح الكاذبة، ووصف الأشياء والمخترعات إمعانا في التقليد.

وكان الشعر في نظر هؤلاء الرواد وجدان، وأضفى عليه كل واحد منهم معنى خاصا تجنبا لإنتاج شعر متشابه في وسائله وغاياته، وسعيا إلى التفرد والاختلاف:

- العقاد: عد الوجدان مزيجا من الشعر والفكر، وهذا ما جعله يميل في شعره الى التفكير.

- شكري: اعتبر الوجدان تأملا في أعماق الذات إلى حد تجاوز حدود الواقع، وهو ما يعني تجنب العقل المحض، وتأمل ما يجول في أغوار ذاته الكسيرة، والبحث عن بواعث شقائه وألمه.

- المازني: كان الوجدان عنده كل ما تفيض به النفس من أحاسيس وعواطف، وهذا ما جعله يعبر عن انفعالاته بشكل عفوي وبصورة طبيعية، أي دون تدخل العقل أو توغل في أعماق النفس.

ب- جماعة الرابطة القلمية:

هي إحدى الجمعيات الأدبية التي أسسها الأدباء العرب(جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة، ندرة حداد، إيليا أبو ماضي، نسيب عريضة… ) المهاجرون في أمريكا عام 1920 للتواصل فيما بينهم، ولتقديم رؤية جديدة للشعر العربي، استمر نشاط الرابطة عشرة أعوام، وكان أعضاؤها ينشرون إنتاجهم الأدبي في مجلة “الفنون” التي أسسها “نسيب عريضة”، ثم في مجلة “السائح” لعبد المسيح حداد، وقد توقف نشاط الرابطة بوفاة مؤسسيها وتفرق أعضائها.

وقد سعت هذه الرابطة إلى تحقيق ما يلي:

- بث روح جديدة في الأدب العربي شعره ونثره.

- محاربة الجمود والتقليد.

- تعميق صلة الأدب بالحياة.

- الانفتاح على الآداب العالمية.

كما وسَّعت الرابطة مفهوم الوجدان ليشمل كل ما ينبثق عن الذات من حياة وكون، وعلى هذا النحو اعتبروا الوجدان بأنه نفسٌ وحياة وكون.وعندما نتمعن في شعر روادها لا نجد شيئا من ذلك التلاؤم بين النفس والكون، بل نعاين مكانه هروبا من الوجود، اكتسى ألوانا مختلفة عند كل شاعر على حدة:

•فجبران خليل جبران هرب إلى عالم الغاب والطبيعة لتفادي كل ما يمكن أن يعكر صفو حياته، وآثر حياة الفطرة على تعقد الحضارة،و ميخائيل نعيمة انقطع إلى تأمل ذاته بطريقة صوفية،وأما إيليا أبو ماضي فلما فشل في تحقيق مبتغاه متوسلا بالخيال تارة وبالقناعة تارة أخرى، اضطر إلى الفرار من الناس ومن الحضارة أسوة بجبران.



ج- جماعة أبولو:

اتخذت هذه الجماعة من أبولو إله الفنون والعلوم والإلهام في الأساطير اليونانية اسما لها، وكانت لها مجلة تحمل الإسم نفسه، ورغم أن هذه الحركة (1932_1936)لم تدم طويلا، فقد تركت آثارا كثيرة. يرجع الفضل في تأسيسها إلى زكي أبو شادي ومطران خليل مطران و إبراهيم ناجي ،وعلي محمود طه وزكي مبارك وأحمد محرم.

ومن بين أهم أغراض هذه الجماعة :

1. السمو بالشعر العربي وتجديده.

2. مناصرة النهضات الفنية في عالم الشعر.

3. تحسين الوضع الاجتماعي والأدبي والمادي للشعراء والدفاع عن كرامتهم

4. تعميق الاتجاه الوجداني والانفتاح على الغرب، واستلهام التراث بأسئلة جديدة وبطرائق خلاقة.

إن ما اعتنى به شعراء هذا التيار هو الشعر الذاتي الذي يدور حول المرأة وما يثيره الحديث عنها من معاني(الحنين والشوق، اليأس والأمل، الارتماء بين أحضان الطبيعة والزهد في الحياة، مواجهة الحياة والاستسلام للموت)، مما جعل الحياة عندهم تتراوح بين السعادة المطلقة والشقاء المطلق. ولكل شاعر من شعراء هذه الحركة طريقته الخاصة في الكشف عن مجاهيل ذاته،فنجد أن زكي أبو شادي انكفأ على ذاته لتضميد جراحها والتغني بآمالها، إلى أن طغت ذاتيته على شعره، بل وعلى حياته كلها، وإبراهيم ناجي يدور أجود شعره حول المرأة لحاجته إلى حب يملأ فراغ قلبه، أما

حسن كامل الصيرفي فقد فشل في الحب فيئس من الحياة، وانكمش على الذات والتغني بأحزانها وآلامها،وأما أبو القاسم الشابي فقد هام بالجمال وعشق الحرية بسبب مرضه، وإحساسه بانفراط عقد حياته، في حين نجد أن عبد المعطي الهمشري ولع بالطبيعة واستشرف ما وراء الحياة من خلال الموجودات وعلي محمود طه تغنى بمظاهر البهجة والسرور منغمسا في متع الحياة.

وهذا ما دفع الناقد المصري محمد النويهي ليقول فيهم:”لقد أغرقوا في شعرهم العاطفي حتى أصيب بالكظة، وزالت جدته، وفقد بالتكرار معظم حلاوته وتحولت رقته إلى ميوعة، وإرهاف حساسيته إلى ضعف ومرض”

وقد امتازت معاني شعراء أپولو حسب أحمد المعداوي بالسلبية نظرا لتعاطي شعراء الجماعة مع مواضيع الطبيعة والهروب من الحياة الواقعية إلى الذات المنكمشة، والفرار من المدينة إلى الغاب أو الريف، وترنح الشعر بكؤوس الحرمان والخيبة واليأس والمرارة ، والمعاناة من الاغتراب الذاتي والمكاني كما في قصيدة” خمسة وعشرون عاما” لعلي الشرنوبي.غير أن القضاء لم يستجب لهم جميعا،” فينهي آلامهم بتجربة الموت، فقد مات الشابي والشرنوبي والهمشري وهم صغار، وبقي غيرهم من شعراء هذه الجماعة يعزفون على الأوتار نفسها، حتى بليت ورثت ولم تعد تضيف جديدا، ذلك أنهم قد رفضوا أن يفتحوا أنفسهم للحياة المتجددة، وآثروا على ذلك حبس مواهبهم في دائرة التجربة الذاتية الضيقة، ثم خلف من بعدهم خلف اقتفى آثارهم ونسج على منوالهم، فتشابهت التجارب وكثر الاجترار وقلت فرص الجدة والطرافة، حتى صح فيهم قول الناقد محمد النويهي:” قد أغرقوا في شعرهم العاطفي حتى أصيب بالكظة، وزالت جدته، وفقد بالتكرار معظم حلاوته، وتحولت رقته إلى ميوعة، وإرهاف حساسيته إلى ضعف ومرض”

وانتهت جماعة أپولو بالانفصال وتمزق الجماعة وهجرة بعضهم الحياة العامة كأحمد زكي أبو شادي الذي سبقه إلى ذلك” ناجي إلى ماوراء الغمام، وسبقه علي محمود طه إلى ماوراء البحار مع الملاح التائه، وسبقه محمود أبو الوفا إلى معاناة أنفاس محترقة وامتدت عمليات التخلي والانفصال بعد ذلك عند الصيرفي في الألحان الضائعة، حتى وصلت إلى آخر دواوين محمود حسن إسماعيل أين المفر؟ وتعددت الاتجاهات التي تختلف في تفاصيلها، ولكنها تلتقي عند انفصال الشاعر المصري عن مجتمعه”

وهكذ نرى أن أحمد المعداوي استطاع أن يتخلص من جماعة أپولو كما تخلص سابقا من جماعة الديوان والرابطة القلمية، ،من أجل أن يعطي الصدارة والمشروعية للشعر الحديث باعتباره شعر الثورة والتغيير والممارسة الفعلية….

-IIالقسم الثاني : نحـو شكـل جـديـد

الفصل الثاني: تجربة الغربة والضياع

بعد أن اختار أحمد المجاطي لتسمية هذه الحركة(الشعر الحديث) ،تمييزا لها عن التيارات الشعرية الجديدة الأخرى ،كتيار أبولو وتيار المهجر وغيرهما…ولأنها أكثر دقة من التسمية التي اختارها صلاح عبد الصبور(الشعر التفعيلي) والتي

لاتستند إلا على جانب جزئي من الشكل هو الوزن ،أو من تسمية الشعر المطلق أو الحر لأنها تعني التحرر من كل قيد أو التـــــــزام.

يأتي المجاطي ويؤكد أن واقع النكبة 1948 فرض نفسه في مختلف المجالات ثقافيا وسياسيا واجتماعيا ،ذلك ما أدى بالذات العربية إلى الشك وإعادة النظر في المسلمات والبنيات في كل ما يحيط بها.

كما جعل الشاعر الحديث خاصة ينفتح على الأفكار والفلسفات والاتجاهات النقدية في الادب والشعر ،الواردة من وراء البحر ،كذلك لجأ الشاعر العربي إلى التسلح بشتى المعارف والعلوم كالفلسفة والتاريخ والأساطير وعلم النفس وعلم الاجتماع والانتروبولوجيا ،واستيعاب الروافد الفكرية والادبية الاتية من الشرق وبالضبط المذاهب الصوفية والتعاليم المنحدرة من الديانات الهندية والفاريسية والحرانية (الصابئة) ،والتأثر بأشعار الجامي وجلال الدين الرومي وفؤيد العطار والخيام وطاغور فضلا عن الاستفادة من الفلسفة الوجودية والفلسفة الاشتراكية والتفاعل مع أشعار أودن وبابلو نيرودا و وبول إيلوار ولويس أراكون وكارسيا لوركا ومايا كوفسكي وناظم حكمت والاستعانة بقصص كافكا وأشعار ريلكه وإليوت مع الانفتاح على الثقافة الشعبية كسيرة عنترة بن شداد وكتاب ألف ليلة وليلة وسيرتي: سيف بن ذي يزن وأبي زيد الهلالي ،والتعمق في *القرآن الكريم* ،وقراءة الحديث النبوي الشريف ،والتجوال الدائم في الشعر العربي القديــــــم.

وبالتالي فقد فسح واقع الهزيمة للشاعر الحديث مساحة للحرية جعلته يصطنع لنفسه موقفا واتجاها للشعر ما كان متاحا للشاعر قبله،وبهذا أصبح الشعر عنده وسيلة لاكتشاف الإنسان والعالم، كما كان فعالية جوهرية تتصل بوضع الإنسان ومستقبله إلى المدى الأقصى، وبدأ الشاعر يحمل رؤيا للإنسان والحياة والكون والوجود والقيم والمعرفة. بل أصبح الشعر الحديث أداة لتفسير العالم وتغييره.

وأصبح الشاعر أيضا يعرف كيف يمزج في فكره ووجدانه بين روح الثقافة العربية وبين الثقافات الأحرى ،التي تختلف عن بعضها روحا ولغة ومكانا من التاريخ ،وأن يخرج من ذلك المزيج ،برؤيا جديدة استطاع بها أن يمزق قشرة الواقع العربي ،وأن يقف على مواطن العذاب والقلق وأن يدس حساسيته ،وموهبته ،وفكره في ذلك الركام المنقسخ ،بحثا عن قطرة من ماء ،أوخيط من نور ،مستهديا بألوان التمزق واليأس ،التي عانت منها النماذج الانسانية في أعظم الأعمال الأدبية العالمية .(ص60)



إن التقاء الثقافة الواسعة بالتجربة الفكرية والشعورية الخصبة لدى الشاعر الحديث ،واحتكاكه بواقع الهزيمة ،وبواقع الحضارة الانسانية المتأزم جعله يضيق بالأشكال والوسائل التعبيرية القديمة ويسعى جاهدا لبحث عن أشكال تغييرية جديدة تكون في مستوى المضامين الجديدة وما تثيره من مشكلات تتجاوز ذات الشاعر إلى واقع الامة الحضاري. والتي أصبح من حقها أن تفجر الأشكال القديمة ،وتصطنع لنفسها أشكالا جديدة تلائمها…لذلك كان الشكل الجديد والذي يقوم على أساس موسيقي هو التفعيلة الواحدة.

وبهذا نستنتج أن الشكل الجديد كان ثمرة جهود متواصلة لجيل من الشعراء ،هو الجيل الذي عانق النكبة بكل ظروفها وأبعادها السياسية والاجتماعية والنفسية.

إن المضامين الجديدة هي ذات طابع خاص ،يستحيل فيها تجزيئ التجربة إلى موضوعات جزئية . فالحب والمرض والفرح والحزن ،وغيرها من الموضوعات التي يمكن تصورها مستقلة ومتفردة ،على نحو ما نعرف في ديوان الشعر العربي ،قد صهرت كلها في محرق النكبة ،وأمدتها تجربة الشاعر وثقافته بمزيد من التوتر والقلق ،واقتربت بها من الاحساس الممض ،الذي يملأ ضمير الانسان العربي في واقع الهزيمة.

اذا فما الذي ميز وطرأ على المضمون والشكل من زاوية التطور؟

للاجابة عن هذا السؤال ،قدم أحمد المجاطي المضمون على الشكل بالمناقشة ،بعد أن قسم المضامين الشعرية الحديثة إلى قسمين :

تجربة الغربة والضياع

تجربة الموت والحياة

تجربة الغربة والضياع :

يرجع استفاضة معاني الغربة والضياع والكآبة والتمزق النفسي والاضطراب الداخلي والقلق الوجودي إلى عدة عوامل مختلفة أهمها :

- التأثر بأعمال الشعراء الغربيين ،من أمثال توماس اليوت صاحب القصيدة الشهيرة “الارض والخراب” ، فنموذج الآفاق عند الوهاب البياتي ” ليس سوى رمز للإنسان الضائع الذي اضمحل وجوده في الحضارة الأوربية كما يتصوره إليوت، وتأثرا أيضا بأعمال بعض الروائيين والمسرحيين خاصة الروايات والمسرحيات الوجودية التي ترجمت إلى اللغة العربية،( ودراسة كولن ويلسن عن” اللامنتمي” ،بالاضافة إلى عامل المعرفة ، فنموذج الآفاق عند الوهاب البياتي ” ليس سوى رمز للإنسان الضائع الذي اضمحل وجوده في الحضارة الأوربية كما يتصوره إليوت، وتأثرا أيضا بأعمال بعض الروائيين والمسرحيين خاصة الروايات والمسرحيات الوجودية التي ترجمت إلى اللغة العربية)،( ودراسة كولن ويلسن عن” اللامنتمي”، بالاضافة إلى عامل المعرفة، وكل هذا جعل الشاعر الحديث يعاني من الملل والسأم والضجر واللامبالاة والقلق، وبدأ يعزف أنغاما حزينة تترجم سيمفونية الضياع والتيه والاغتراب والانهيار النفسي والتآكل الذاتي والذوبان الوجودي بسبب تردي القيم الإنسانية وانحطاط المجتمع العربي بسبب قيمه الزائفة وهزائمه المتكررة.

وتحضر هذه النغمة التراجيدية في أشعار أدونيس في قصيدة “الرأس والنهر ” من ديوان ” المسرح والمرايا”، وعند عبد الوهاب البياتي وصلاح عبد الصبور في قصيدته “مذكرات الصوفي بشر الحافي” من ديوان “أحلام الفارس القديم”، و لدى عبد المعطي حجازي.

إن شهادة هؤلاء الشعراء _كما يؤكد على ذلك أحمد المجاطي _ وهم جميعا من رواد الشعر الحديث ،تؤكد أن النكبة كانت أهم عامل في الاتجاه بالتجربة الشعرية الحديثة ،نحو آفاق الضياع والغربة ،وفي جعل الشاعر إنسانا غريبا وممزقا ،غير أن غربته في الكون ،هي غير غربته في المدينة ،وغربته في الحب ،هي غير غربته في الكلمة ،ولكنها جميعا مرآة واحدة هي غربة الشاعر في واقع أمته الحضاري ،من هنا قسم أحمد المجاطي تجربة الغربة إلى أربعة محاور، هي :

- الغربة في الكـــون

- الغربة في المدينـــة

- الغربة في الحـــب

- الغربة في الكلمــة

1- الغربة في الكون :

أمام واقع النكبة المذل والمهين ،وأمامانهيار الثوابت والمسلمات والقيم ،لم يجد الشاعر بديلا من معانقة الشك ورسم الكون بكل الصور المتخمة بالظلمة والمرارة والاحساس بالعبث واللامعقول ،فجاءت القصائد تعبيرا عن وجود مائع تحكمه الفوضى ،وذات رهينة بالاحباط واللاجدوى ،في عالم بلا خرائط ،بلا طعم ،بلا لون ،بلا

هوية…(انظر ص: 69 و70) ،ذات تراهن على التغيير وأن تأخذ الوجود صيغة جديدة (انظر ص:70)أو تطلب الخلاص والموت ،يقول عبد الوهاب البياتي في ديوانه “سفر الفقر والثورة”

هجرتني

نسيتني

حكمت بالموت عليقبل ألف عام

وهاأنــــا أنــــــام

منتظرا فجر خلاصي ساعة الاعدام

2- الغربة في المدينة :

تمثل المدينة بتناقضاتها وتخليها عن الأصالة واستسلامها لمظاهر الاستيلاب ،وجها آخر للواقع الحضاري العربي المعوق ،وبالأخص لوجه السياسي المترهل ،وبالتالي فإحساس الشاعر بالغربة هو أول شيء يصادفه في علاقته بالمدينة ،وهو إحساس جعل من المدينة :

- فضاء ماديا خاليا من كل محتوى إنساني….(انظر ص:73و74)

- فضاء للحصار ( انظر ص :ص74و78و79)



بهذا أصبح المكان المخيف والمرعب هو المدينة العربية المعاصرة التي علبت الإنسان وشيأته، وأضحت بدون قلب أو بدون روح، فالقاهرة بدون قلب عند عبد المعطي حجازي، ونفس الشيء يقال عن بغداد السياب وبيروت أدونيس وخليل حاوي. وتتخذ المدينة في شعر هؤلاء قناعا سياسيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا، وتمثل وجه الحضارة بكل أبعادها الذاتية والموضوعية.

وعليه، فقد صور الشعر الحديث المدينة في ثوبها المادي كما عند الحجازي، أو الناس داخل المدينة وهم صامتون يثقلهم الإحساس بالزمن كما في جل أشعار عبد المعطي حجازي في ديوانه” مدينة بلا قلب.



3- الغربة في الحب

واقع معوق لم يكن ليعطي حبا نبيلا بمفهومه البيولوجي لشاعر ،فتحولت المرأة إلى عدو ،إلى جسد بدون روح.،إلى مدينة أخرى من الأسوار المحنطة ، كما في قصيدة”الجروح السود” عند خليل حاوي في ديوانه” نهر الرماد”، أو يموت الحب عند عبد المعطي حجازي أو يصاب بالاختناق عند صلاح عبد الصبور،فصار الشاعر يعلم أن الحب ليس إلا جرعة وقتية ،في واقع متخم بالهزيمة والفشل.

4- الغربة في الكلمة

حتى الكلمة عند الشاعر تحولت إلى خائنة ،من سيف يمسح ألوان الظلم إلى حروف من طين وحجر ،إلى صمت من العذاب والظلمة ،سواء تملك ذلك السيف الحرية أم لا ،كما عند البياتي في قصيدة ” إلى أسماء” من ديوان ” سفر الفقر والثورة”. ومن هنا، فالغربة في الكلمة، أو في المدينة، او في الحب، ” ليست سوى وجه واحد من عدة أوجه، يمكن تصورها لغربة الشاعر العربي في واقع ما بعد النكبة (انظر ص:79و80و81).

وإذا كانت هذه الأوجه المتعددة لغربة تلتقي في عدة محاور كمحور الموت واليبوسة والتحجر وانحباس الأصوات وسيادة الصمت وتداخل الزمن…فوحدة التجربة وغناها في نفس الشاعر جعلته يجمع في بعض الاحيان بين أكثر من لون من ألوان الغربة ،فمزج بين الغربة في الحب والغربة في المدينة ،والغربة في

الكلمة…وقد يتعدى ذلك إلى أكثر من لون كما نجد في قصيدة “فارس النحاس” لعبد الوهاب البياتي والتي جمع فيها الغربة في المكان إلى الغربة في الزمان ،إلى الغربة في في العجز ،إلى الغربة في الحياة ،إلى الغربة في الموت ،إلى الغربة في الصمت.

وهو مزج يكشف عن التمزق النفسي ،والتمزق الروحي للانسان العربي ،وتخبطه في تلمس سبيل الخلاص من جهة ،ومن جهة أخرى يكشف عن غنى التجربة وعمقها وأصالتها ،والتي اتخذت باستخدام الرمز الكثير من الايحاءات والدلالات (انظر ص :88 و 89 و 90 )وقارن بين قصيدة (فارس النحاس)وقصيدة (الدارة السوداء).

ويلاحظ أن هناك من الشعراء المحدثين من وقف عند لون واحد من الغربة، وهناك من مزج بين لونين ، وهناك من تحدث عن الألوان الثلاثة للغربة، وهناك من جمع بين الأربعة في وحدة شعرية منصهرة:” تلك الوحدة سوغت له أن يمزج في بعض الأحيان، بين لونين من ألوان الغربة في القصيدة الواحدة، على نحو ما فعل إبراهيم أبو سنة حين مزج بين الغربة في الحب والغربة في المدينة، في قصيدة له بعنوان ” في الطريق”. وعلى نحو ما نجد عند صلاح عبد الصبور، الذي يمزج بين الغربة في المدينة، والغربة في الكلمة في قصيدة” أغنية للشتاء”. وقد يمضي بعض الشعراء بعيدا، فيمزج في قصيدة واحدة بين ألوان مختلفة تتعدى ما سبقت الإشارة إليه من ألوان الغربة ، كما هو الشأن في قصيدة” فارس النحاس” لعبد الوهاب البياتي”18 ، التي جسدت الغربة في المكان والغربة في الزمان والغربة في المدينة والغربة في العجز. وهذه الغربة تتفرع عنها الغربة في الحياة والغربة في الموت والغربة في الصمت. وهذه النظرة الشمولية للغربة تنطبق أيضا على قصيدة يوسف الخال” الدارة السوداء”.

وقد تتداخل تجربة الضياع والغربة في قصائد الشعراء المحدثين مع تجربة اليقظة والأمل. وإنه:” من المفيد أن نشير بصفة عامة، إلى أن إيقاع ال0

ملخص رواية اللص والكلاب


اللص والكلاب






طبيعة المؤلًف:


رواية "اللص والكلاب "تقوم علي خط الصراع الأساسي بين "اللص والكلاب" أو سعيد مهران والمجتمع. وهذا الخط يلعب دور العمود الفقري الذي يربط أجزاء الرواية منذ أول سطر إلي آخر سطر فيها، فلا يتكلف نجيب محفوظ مقدمات لتقديم شخصياته ولكنه يدفع بالقارئ فورا إلي الموقف الأساسي في الرواية ويمكن للقارئ أن يضع يده علي الخيط الأول وبذلك لا يحس بأنه يوجد هناك حاجز بينه وبين العمل الفني.
تصور رواية" اللص والكلاب" شخصية سعيد مهران بأنه لص خرج من السجن صيفا بعد أن قضى به أربعة أعوام غدرا لينتقم من الذين اغتنوا على حساب الآخرين، وزيفوا المبادئ، وداسوا على القيم الأصيلة لكي يجعل من الحياة معنى بدلا من العبثية ولا جدواها. وهكذا قرر أن ينتقم من هؤلاء الكلاب إلا أن محاولاته كانت كلها عابثة تصيب الأبرياء وينجو منها الأعداء مما زاد الطين بلة. فصارت الحياة عبثا بلا معنى ولا هدف ، ولقي مصيره النهائي في نهاية الرواية بنوع من اللامبالاة وعدم الاكتراث ولم يعرف لنفسه وضعا ولا موضعا، ولا غاية وجاهد بكل قسوة ليسيطر على شيء ما ليبذل مقاومة أخيرة، ليظفر عبثا بذكرى مستعصية، وأخيرا لم يجد بدا من الاستسلام،فاستسلم .
دواعي التأليف:
 " اللص والكلاب"رواية مستوحاة من واقعة حقيقية بطلها " محمود أمين سليمان " الذي شغل الرأي العام لعدة شهور في أوائل عام 1961. وقد لوحظ اهتمام الناس بهذا المجرم وعطف الكثيرين منهم عليه،فقد خرج " محمود أمين سليمان "عن القانون لينتقم من زوجته السابقة ومحاميه لأنهما خاناه وانتهكا شرفه وحرماه من ماله وطفلته وكان هذا سببا هاما من أسباب تعاطف الناس معه، ولتحقيق انتقامه ارتكب العديد من الجرائم في حق الشرطة وبعض أفراد المجتمع، فأثارت هذه الواقعة اهتمام الكاتب واسلهم منها مادته الأدبية تجمع بين ما هو واقعي وما هو تخيلي فكانت رواية "اللص والكلاب".

صاحب المؤلف: ولد في 11 ديسمبر 1911وتوفي في 30 غشت 2006   
أمضى طفولته في حي الجمالية حيث ولد، ثم انتقل إلى العباسية والحسين والغورية، وهي أحياء القاهرة القديمة التي أثارت اهتمامه في أعماله الأدبية وفي حياته الخاصة.
حصل على إجازة في الفلسفة عام 1934 وأثناء إعداده لرسالة الماجستير دخل في صراع حاد بين متابعة دراسة الفلسفة وميله إلى الأدب الذي نمى في السنوات الأخيرة لتخصصه بعد قراءة العقاد وطه حسين.
بدأ كتابة القصة القصيرة عام 1936 . وانصرف إلى العمل الأدبي بصورة شبه دائمة بعد التحاقه في الوظيفة العامة.
تقلد منذ عام 1959حتى إحالته على المعاش عام 1971 عدة مناصب حيث عمل مديراً للرقابة على المصنفات الفنية ثم مديراً لمؤسسة دعم السينما ورئيساً لمجلس إدارتها ثم رئيساً لمؤسسة السينما ثم مستشاراً لوزيرالثقافة لشئون السينما
عمل في عدد من الوظائف الرسمية، ونشر رواياته الأولى عن التاريخ الفرعوني. ولكن موهبته ستتجلى في ثلاثيته الشهيرة ( بين القصرين، وقصر الشوق، والسكرية) التي انتهى من كتابتها عام 1952 ولم يتسن له نشرها قبل العام 1956 نظرا لضخامة حجمها.
نقل نجيب محفوظ في أعماله حياة الطبقة المتوسطة في أحياء القاهرة، فعبر عن همومها وأحلامها ، وعكس قلقها وتوجساتها حيال القضايا المصيرية. كما صور حياة الأسرة المصرية في علاقاتها الداخلية وامتداد هذه العلاقات في المجتمع.
ولكن هذه الأعمال التي اتسمت بالواقعية الحية لم تلبث أن اتخذت طابعا رمزيا كما في رواياته " أولاد حارتنا" و "الحرافيش" و "رحلة ابن فطومة"و"اللص والكلاب".
بين عامي 1952 و 1959 كتب عددا من السيناريوهات للسينما. ولم تكن هذه السيناريوهات تتصل بأعماله الروائية التي سيتحول عدد منها إلى الشاشة في فترة متأخرة.
صدرله ما يقارب الخمسين مؤلفا من الروايات والمجموعات القصصية وترجمت معظم أعماله إلي 33 لغة في العالم .
جوائز وأوسمة
  جائزة قوت القلوب الدمرداشية عن رواية «رادوبيس» عام 1943
جائزة وزارة المعارف عن رواية «كفاح طيبة» عام 1944
جائزة مجمع اللغة العربية عن رواية «خان الخليلي» عام 1946
جائزة الدولة فى الأدب عن رواية «بين القصرين» عام 1957
وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1962
جائزة الدولة التقديرية فى الآداب عام 1968
وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1972
جائزة نوبل للآداب عام 1988
قلادة النيل العظمى عام 1988
التمهيد: تقييم عام لطبيعة المؤلف .

الجزء الأول :من الفصل الأول إلى الفصل الرابع

تتبع الحدث :
الفصل الأول:
Ø  خروج سعيد مهران من السجن بعد أربع سنوات قضاها فيه.
Ø  توجه سعيد مهران إلى الحي الذي كان يقطنه.
Ø اجتماع سعيد بعليش وبحضور المخبر وبعض الجيران لمناقشة مطالبته بابنته وماله وكتبه.
Ø  عليش ينكر وجود المال ويرفض تسليم البنت بدون محكمة ويعطيه ما تبقى من الكتب.
الفصل الثاني:
Ø  توجه سعيد مهران نحو طريق الجبل حيث الشيخ صديق والده.
Ø محاولته إقناع الشيخ بقبول ضيافته.
Ø  محاولة الشيخ التركيز في حواره على القيم الروحية المبنية على الإيمان ،وتشبث سعيد بقرار الانتقام من زوجته الخائنة ،وعليش الغادر .
Ø قضاء سعيد أول ليلته في ضيافة الشيخ علي جنيدي.
الفصل الثالث:
Ø  توجه سعيد إلى مقر جريدة "الزهرة" وفشله في لقاء صديق الطفولة الصحفي رؤوف.
Ø  توجه سعيد إلى مسكن رؤوف حيث تم اللقاء وتبادل ذكريات الماضي على مائدة الطعام.
Ø انزعاج رؤوف من تلميحات سعيد التي تنتقد ما عليه من جاه ومكانة اجتماعية.
Ø انتهاء اللقاء بتأكيد رؤوف على أنه أول وآخر لقاء له مع سعيد.
الفصل الرابع:
Ø استرجاع سعيد شريط الخيانة التي تلقاها من أقرب الناس إليه:
× عليش: صبيه الذي بلغ عنه الشرطة للتخلص منه والإنفراد بغنيمة الزوجة والمال .
× نبوية : الزوجة التي خانته بتواطئ مع صبيه عليش.
× رؤوف : الانتهازي الذي زرع فيه مبادئ التمرد وتنكر هو لها.
Ø  اتخاذ سعيد قرار الانتقام والبداية برؤوف كأقرب فرصة مناسبة.
*  سطوه على بيت رؤوف الذي كان يتوقع عودته ونصب له كمينا أوقع به ليطرده من البيت خائبا.
2ـ رصد القوى الفاعلة:
 أ ـ الشخصيات :
 × سعيد مهران : بطل الرواية ، ضحية مؤامرة الغدر والخيانة خرج من السجن ليثأر من الكلاب.
 × عليش : صبي سعيد و بطل المؤامرة، أوقع به في السجن ليظفر بالزوجة والمال.
 × نبوية : الزوجة الخائنة التي تواطأت مع عليش للتخلص من سعيد.
 × رؤوف : صديق سعيد الذي زرع فيه مبادئ التمرد على المجتمع والطبقية وتنكر لها ولصديقه.
 × الطفلة سناء: ابنة سعيد التي لم تتعرف عليه وجعلته يصر على الانتقام لاسترجاعها من الخونة.
 × المخبر : وسيط بين سعيد وعليش ويقدم الدعم والحماية القانونية لعليش.
 × الشيخ على الجنيدي: صديق والد سعيد، ويمثل الجانب الروحي الغائب عن سعيد .
 × سكان الحارة : ويرى فيهم سعيد امتدادا للخيانة والغدر بقبولهم التعايش مع عليش وخاصة المعلم بياضة.
ب ـ المواقع :
 × ميدان القلعة : الحي الذي كان يقطنه سعيد ، منه سجن وإليه عاد للانتقام .وهو مسرح الحدث.
 × طريق الجبل : مأوى سعيد لجأ إليه بعدما ضاقت به السبل وعز الأصحاب .
 × بيت رؤوف : شاهد على تبدل القيم وأول نقطة يباشر منها سعيد انتقامه .
ج ـ الوقائع :
 × خروج سعيد من السجن ومباشرة تجميع المعطيات التي زادت من تأجج نار الانتقام .
 × موقف الخونه زاد من عزمه على الانتقام وبأسرع وقت ممكن.
 × شروع سعيد في مباشرة خطة الانتقام والبداية كانت مع صديقه رؤوف الذي أحبط محاولته.
3 ـ البعد الاجتماعي :
 الفصول الأربعة تضعنا أمام وضع اجتماعي منحرف يجمع بين الجريمة وفساد القيم مع ما توفره لهم السلطة من حماية وتغطية تزيد من قوة بطشهما وتغلغلهما في المجتمع.
4 ـ البعد النفسي :
 ويبدأ هنا بالتوتر والتوجس في اللقاء الأولي ليرتفع إلى الغضب والحقد والرغبة في الانتقام.
 5 ـ البناء الفني :
 فصول الجزء الأول تمثل مدخل الرواية، تجعلنا في الإطار العام للحدث وتزودنا بكل المبررات التي تفسر ما سيأتي من أحداث متوالية في الفصول اللاحقة.
وعلى المستوى التقني بدأ نجيب محفوظ من الأخر أي من خروج سعيد من السجن لتكشف لنا تقنية الاسترجاع (الفلاش باك) تفاصيل الحدث القبلية التي كانت وراء دخول سعيد السجن ،والبعدية التي تطلعنا على مخطط سعيد الانتقامي ، وهو ما أعطى للحوار الداخلي مساحة واسعة في هذه الفصول الأولى ،وهو ما جعل السارد حاضرا عبر الرؤية من الخلف التي تجعل صوت السارد في الفصول مهيمناً ، يلبس ثوب شخصياته والسرد عن طريق الراوي العارف بكل شيء.
أما اللغة هنا فهي لسان حال شخصياتها اجتماعيا وثقافيا وفكريا .

 الجزء الثاني : من الفصل الخامس إلى الفصل الثامن


1ـ تتبع الحدث :
الفصل الخامس:
Ø      توجه سعيد إلى المقهى حيث يتجمع أصدقاء الأمس.
Ø      إحضار صاحب المقهى "طرزان" المسدس الذي طلبه سعيد.
Ø      التقاء سعيد بنور التي خططت معه للتغرير بأحد رواد الدعارة وسرقة سيارته.
الفصل السادس:
Ø      نجاح الخطة التي رسمتها نور للإيقاع بغريمها مكن سعيد من السطو على السيارة والنقود التي كانت بحوزته .
الفصل السابع:
Ø      عزم سعيد على الانتقام من الخونة على التوالي.
Ø      البداية بمنزل عليش الذي اقتحمه ليلا و باغث صاحبه بطلقة نارية أردته قتيلا .
Ø      تغاضيه عن الزوجة لرعاية ابنته سناء.
Ø      هروب سعيد من مسرح الجريمة بعدما تأكد من نجاح مهمته.
الفصل الثامن:
Ø      لجوء سعيد إلى بيت الشيخ رجب فجرا وخلوده لنوم عميق امتد حتى العصر.
Ø       استيقاظ سعيد على حلم مزعج يتداخل فيه الواقع بالخيال .
Ø      انتشار خبر وقوع جريمة ضحيتها رجل بريء يدعى شعبان حسن.
Ø      انزعاج سعيد من فشل محاولته ،وتأسفه على قتل الضحية البريئة .
Ø      عزم سعيد الهروب إلى الجبل تفادي لمطاردة الشرطة.
2ـ رصد القوى الفاعلة:
 أ ـ الشخصيات :
 × سعيد مهران : بطل الحدث، بدأ في تنفيذ ما عزم عليه من انتقام وثأر.
 × طرزان: صاحب المقهى يمد سعيد بمساعدات تعينه على متابعة مخططه الانتقامي.
 × نور: امرأة تمتهن الدعارة وتقدم الدعم والعون لسعيد إلى حد المخاطرة بحياتها  .
 × صاحب السيارة: غنيمة عرضية مكن سعيد من انجاز خطته الانتقامية بكل سهولة.
 × الشيخ على الجنيدي: تحول إلى ملاذ لسعيد كلما ضاقت به السبل  .
 × شعبان حسن: ضحية كانت ثمنا لتقديرات سعيد الخاطئة .
ب ـ المواقع :
 × المقهى : ويمثل السند والحماية الخلفية لسعيد.
 ×مسكن عليش: مسرح جريمة القتل والبداية الطائشة.
 × طريق الجبل : مأوى سعيد لجأ إليه للتخفي بعيدا عن أعين الشرطة .
ج ـ الوقائع :
 × شروع سعيد في مباشرة خطة الانتقام بطريقة عملية ومدروسة،إلا أن الفشل كان حليفه مرة أخرى .
3 ـ البعد الاجتماعي :
 الفصول الأربعة تضعنا أمام وضع اجتماعي منحرف ومتعفن يجمع بين الدعارة وتجارة السلاح والسرقة والتستر على المجرمين وسقوط أبرياء لا علاقة لهم بالصراع.
4 ـ البعد النفسي :
 ويبدأ هنا بالانشراح والتفاؤل أثنا الإعداد للانتقام وينتهي بالإحباط والندم والتوجس بعد فشل المحاولة .
5 ـ البناء الفني :
 فصول الجزء الثاني تمثل سيرورة الحدث، حيث تبدأ عجلة الانتقام في الدوران بالإعداد لأول جريمة تخطئ هدفها
وعلى المستوى التقني تتبع نجيب محفوظ خطة تنفيذ الجريمة بدقة اعتمادا على الرؤية من الخلف التي تجعل السارد يلبس ثوب شخصياته فنعيش أطوار الحدث بكل تجلياته وتفاصيله .
كما نجد الحركة والفعل تغلب على الكلام الذي جاء مقتضبا ومحدودا بين الشخصيات عكس ما رأيناه في الفصول الأربعة الأولى،وهو ما يبرر هيمنة مكون الوصف والسرد على هذه الفصول.


الجزء الثالث : من الفصل التاسع إلى الفصل الثاني عش
ر

1ـ تتبع الحدث :
الفصل التاسع:
Ø   تسلل سعيد ليلا متوجها إلى شقة نور.
Ø  استحسان سعيد مكان اقامة نورالمناسب لاختفائه عن مطاردة الشرطة.
Ø   ترحيب نور برغبة سعيد في الإقامة عندها مدة طويلة.
الفصل العاشر:
Ø   ارتياح سعيد بإقامته في بيت نور .
Ø  استرجاعه ذكريات تعرفه على نبوية وزواجهما الذي اثمر البنت سناء.
Ø  التوقف عند غذر عليش وخيانة نبوية.
Ø   عودة نور محملة بالطعام والجرائد التي لا زالت مهتمة بتفاصيل جريمة سعيد مع اسهاب رؤوف في تهويل وتضخيم صورة سعيد المجرم الذي تحول إلى سفاك الدماء.
Ø   طلب سعيد من نور شراء قماش يناسب بذلة ضابط.
الفصل الحادي عشر:
Ø  استرجاع سعيد تفاصيل طفولته المتواضعة مع والده البواب.
Ø  تأثرسعيد بتربية الشيخ علي الجنيدي الروحية .
Ø  اعجاب سعيد بشهامة رؤوف الذي زرع فيه مبادئ التمرد وشجعه على سرقة الأغنياء كحق مشروع.
Ø  رجوع نور للبيت منهكة من ضرب مبرح تلقته من زبنائها،ومحاولة سعيد الرفع من معنوياتها المنهارة.
الفصل الثاني عشر:
Ø   انتهاء سعيد من خياطة بذلة الضابط .
Ø  تخوف نور من ضياع سعيد مرة أخرى مع اهتمام الصحافة بجريمته مما يزيد من تشديد الخناق عليه .
Ø  ذهاب سعيد إلى المقهىحيث حذره طرزان من التردد عليها لكونها تخضع لمراقبة المخبرين.
Ø  استرجاع سعيد علاقته برؤوف الذي خان المبادئ وغذر بسعيد مما جعل قتله أمرا واجبا بالنسبة له .
Ø  عودة نور ودخولها في سجال مع سعيد حول ماضيها وحياتها الخاصة.
  2ـ رصد القوى الفاعلة:
      أ ـ الشخصيات :
× سعيد مهران : بطل الحدث، عامل ذات يحتمي بنور حتى تهدأ العاصفة ويسترجع انفاسه.
× طرزان: صاحب المقهى عامل مساعد يقدم الدعم اللازم لسعيد لمتابعة مخططه الانتقامي.
× نور: عامل مساعد تمثل الخلاص الآمن لسعيد .
× رؤوف : عامل معاكس ،حرض الرأي العام وشدد الخناق على سعيد بمقالاته الصحفية المبالغة في تضخيم الحدث.
     ب ـ المواقع :
 × بيت نور:عامل مساعد مكن سعيد من الأمان ومتابعة تطورات جريمته عن بعد.
    ج ـ الوقائع :
 × ركون سعيد إلى التهدئه أمام غليان الرأي العام ، والإعداد لخطة الإنتقام المقبلة.
  3 ـ البعد الاجتماعي :
Ø   الفصول تبين ما تنطوي عليه المظاهر الإجتماعية البراقة من مآسي انسانية كارثيه.
 4ـ  البعد النفسي :
Ø البعد النفسي يغلب عليه الهدوء والرتابة مع ما يتخلله من لحظات التوثر والقلق والتوجس .
  5 ـ البناء الفني :
Ø  فصول الجزءالثالث تتمة لسيرورة الحدث، حيث يسترجع سعيد أنفاسه بعد فشل عمليته الإنتقامية الأولى،والإعداد للعملية القادمة بتغيير الوجهة نحو رؤوف .
   وأمام توقف تحركات سعيد أصبحنا نعيش مجموعة من الاسترجاعات وهي الغالبة في هذه الفصول،وهو ما جعل السارد مهيمنا من خلال الرؤية من الخلف،رغم وجود فقرات من الحوار الخارجي الذي يزيد من الايهام بواقعية الحدث،أما اللغة فتبقى عادية تناسب واقع الشخصيات .
الجزء الرابع : من الفصل الثالث عشر إلى الفصل الخامس عشر
1ـ تتبع الحدث :
الفصل الثالث عشر:
Ø  زيارة سعيد لطرزان الذي اخبره بتواجد المعلم بياضة لعقد صفقة.
Ø  اعتراض سعيد المعلم بياضة لمعرفة مكان عليش .
Ø  إطلاق سراح المعلم بياضة بعد الفشل في جمع معلومات منه تفيد في معرفة مكان عليش .
Ø  تغيير سعيد وجهة الانتقام إلى رءوف
الفصل الرابع عشر:
Ø ارتداء سعيد بذلة الضايط التنكرية والتوجه نحو بيت رءوف .
Ø مباغتة سعيد لرءوف وهو يهم بالخروج من السيارة.
Ø فرار سعيد بعد تبادل إطلاق النار مع عناصر الشرطة.
Ø عودة نور للبيت وهي متخوفة من ضياع سعيد بعد ما تداول خبر تعرض رءوف لمحاولة اغتيال فاشلة .
الفصل الخامس عشر:
Ø أخبار الجرائد تعلن إخفاق سعيد في قتل رءوف وسقط البواب ضحية جديدة لخطأ سعيد .
Ø  خيبة أمل سعيد جعلته يصر معاودة المحاولة مهما كلفه ذلك من ثمن .
Ø عودة نور إلى البيت معاتبة سعيد على استهتاره بحبها وجريه وراء الهلاك.
2ـ  رصد القوى الفاعلة:
  أ ـ الشخصيات :
 × سعيد مهران : بطل الحدث، عامل ذات يتحرك من جديد مع جريمة ثانية تبوء بالفشل .
 × طرزان: صاحب المقهى عامل مساعد يقدم الدعم لتقفي أثر عليش.
 × نور: عامل مساعد تمثل سند سعيد وضحية تهوره   .
 × رؤوف : عامل موضوع المستهدف من عملية الإنتقام وأصبح عاملا معاكسا أحبط خطة سعيد وأزم وضعيته.
   ب ـ المواقع :
× بيت رءوف: مسرح الجريمة الثانية الفاشلة.
× بيت نور:عامل مساعد مكن سعيد الاختباء ومتابعة تطورات جريمته عن بعد.
   ج ـ الوقائع :
× عملية انتقامية جديدة صوبت نحو رءوف كانت ناجحة على مستوى الإعداد وفشلت بفعل التسرع والتهور.
   3 ـ البعد الاجتماعي :
Ø  تفشي ظاهرة الصفقات المشبوهة يساعد على تطور الانحراف إلى جريمة منظمة تهدد استقرار المجتمع.
  4 ـ البعد النفسي :
Ø البعد النفسي يغلب عليه التوثر والقلق والتوجس وينتهي بالارتباك والتهور ثم التحسر والندم .
  5 ـ البناء الفني :
Ø  فصول الجزء الرابع تتمة لسيرورة الحدث، حيث يتطور هنا مع جريمة جديدة تخلف ضحية أخرى بريئة وتعمق أزمة سعيد مع الفشل ومطاردة الشرطة .
 مع تحرك سعيد تراجعت وثيرة الاسترجاع دون أن يقلص ذلك من هيمنة السارد عبر الرؤية من الخلف ،ووجود فقرات من الحوار الخارجي لكسر رتابة السرد وزيادة الإيهام بواقعية الحدث،أما اللغة فتبقى عادية تناسب واقع الشخصيات على غرار الفصول السابقة .
الجزء الخامس :من الفصل السادس عشر إلى الفصل الثامن عشر
1ـ تتبع الحدث :
الفصل السادس عشر:
Ø      انزعاج سعيد من غياب نور المفاجئ.
Ø      توجه سعيد إلى طرزان الذي زوده بالأكل وحذره من المخبرين .
Ø      تخلص سعيد من مخبرين اعترضا طريقه .
Ø      افتقاد سعيد لنور جعله يحس بفراغ روحي .
الفصل السابع عشر:
Ø      غياب نور وقدوم صاحبة البيت تهدد بالإفراغ جعل سعيد يهرب إلى طريق الجبل عند الشيخ علي  .
Ø      دخول سعيد والشيخ في حوار متعارض بين الجانب الروحي المبني على الإيمان والرغبة في الإنتقام.
Ø      إصرار سعيد على استعادة بذلة الضابط التي نسيها في بيت نور.
الفصل الثامن عشر:
Ø      استيقاظ سعيد من النوم وتوجهه إلى بيت نور الذي أصبح فيه سكان جدد .
Ø      الرجوع إلى بيت الشيخ وخلوده لنوم عميق. .
Ø      تطويق الشرطة للحي الجبلي ومحاصرة سعيد بالمقبرة حيث كانت نهايته بعد مقاومة يائسة.
2ـ رصد القوى الفاعلة:
 أ ـ الشخصيات :
 × سعيد مهران : بطل الحدث، فقد التركيز والقدرة على التحرك بحرية بعد غياب نور .
 × طرزان: صاحب المقهى عامل مساعد زود سعيد بالطعام وحذره من المخبرين.
 × نور: عامل معاكس غيابها عجل بنهاية سعيد   .
 × الشرطة : عامل معاكس ضيق الخناق على سعيد إلى حد القضاء عليه.
ب ـ المواقع :
 × بيت نور: تحول إلى مصدر تهديد لسعيد مع غياب نور.
 × المقبرة : مسرح عملية المطاردة ونهاية سعيد.
ج ـ الوقائع :
 × تضييق الخناق على سعيد ومحاصرته من كل الجوانب والقضاء عليه.
3ـ البعد النفسي :
البعد النفسي يغلب عليه التوثر والقلق والاضطراب وغياب الأمان فكان الضياع والموت  .
4 ـ البناء الفني :
 فصول الجزء الخامس تمثل خاتمة الحدث ، حيث انهارت الدعائم التي كان يعتمد عليها سعيد فأصبح مكشوفا أمام الشرط التي تمكنت من القضاء عليه.
سعيد أبح وحيدا مما جعل الحوار الداخلي هو الحاضر بقوة رغم لقطات من الحوار الخارجي بينه وبين الشيخ علي و طرزان والشرطة مع تدخل السارد عبر الرؤية من الخلف لتتبع أطوار الحدث عبر الوصف والحكي.
قراءة تركيبية    


يعتبر نجيب محفوظ من أهم الروائيين العرب الذين أرسوا دعائم الرواية العربية تجنيسا وتجريبا وتأصيلا وقد تميز نجيب محفوظ بتعدد أشكاله السردية وتعدد المواضيع والقضايا التي تناولها في إطار رؤى فلسفية مختلفة في تصوير مصر و تشخيص فضاء القاهرة. وبذلك، يكون نجيب محفوظ الناطق المعبر عن مجتمع مصر وتاريخها، ومن أهم الروايات التي أنتجها نجيب محفوظ رواية" اللص والكلاب" التي اتخذت طابعا رمزيا وذهنيا على مستوى المقصدية المرجعية والرسالة الفنية.
             
      رواية "اللص والكلاب "تقوم علي خط الصراع الأساسي بين "اللص والكلاب" أو سعيد مهران والمجتمع. وهذا الخط يلعب دور العمود الفقري الذي يربط فصول الرواية منذ أول سطر إلي آخر سطر فيها، فلا يتكلف نجيب محفوظ مقدمات لتقديم شخصياته ولكنه يدفع بالقارئ فورا إلي الموقف الأساسي في الرواية، ويمكن للقارئ أن يضع يده علي الخيط الأول وبذلك لا يحس بأنه يوجد هناك حاجز بينه وبين العمل الفني.
وتبدأ الوضعية الأولية مع الفصول الأربعة الأولى إذ يسجل الفصل الأولخروج سعيد مهران من السجن بعد أربع سنوات قضاها فيه، ويتوجه إلى الحي الذي كان يقطنه، ويجتمع سعيد مع عليش بحضور المخبر وبعض الجيران لمناقشة مطالبته بابنته وماله وكتبه.إلا أن عليش ينكر وجود المال ويرفض تسليم البنت بدون محكمة ويعطيه ما تبقى من الكتب. وأمام هذا الوضع المخيب لآماله، يبدأ سعيد مع الفصل الثاني التخطيط لمرحلة ما بعد السجن حيث توجه إلى طريق الجبل لمقابلة الشيخ صديق والده محاولا إقناعه بقبول ضيافته إلى أن يحقق الانتقام من زوجته الخائنة وعليش الغادر رافضا محاولة الشيخ تنيه عن قرار الانتقام بالتركيز في حواره على القيم الروحية المبنية على الإيمان ،وبعد قضاء سعيد أول ليلته في ضيافة الشيخ علي جنيدي ، يبدأ سعيد مع الفصل الثالث خطوة تالية يتوجه فيها صوب صديق الطفولة الصحفي رءوف ، حيث انتظره قرب البيت ،بعدما فشل في مقابلته بمقر جريدة "الزهرة"، وتبادلا ذكريات الماضي على مائدة الطعام ،وقد انزعج رءوف من تلميحات سعيد التي تنتقد ما عليه من جاه ومكانة اجتماعية فانتهى اللقاء بتأكيد رءوف على أنه أول وآخر لقاء له مع سعيد ،مما جعل سعيد يستكمل في الفصل الرابع شريط الخيانة التي تلقاها من أقرب الناس إليه عليش صبيه الذي بلغ عنه الشرطة للتخلص منه والإنفراد بغنيمة الزوجة والمال ،و نبوية الزوجة التي خانته بتواطئ مع صبيه عليش،ثم رءوف الانتهازي الذي زرع فيه مبادئ التمرد وتنكر هو لها. فكان كل ذلك دافعا قويا لاتخاذ قرار الانتقام والبداية برءوف أقرب فرصة مناسبة، إلا أن رءوف كان يتوقع عودته ونصب له كمينا أوقع به ليطرده من البيت خائبا.
     وتبدأ سيرورة الحدث مع الفصل الخامس بتوجه سعيد إلى المقهى حيث يتجمع أصدقاء الأمس،ومده صاحب المقهى "طرزان" بالمسدس الذي طلبه ،وكان الحظ في صفه هذه المرة عندما التقى ب "نور" التي خططت معه للتغرير بأحد رواد الدعارة وسرقة سيارته ،ويصور الفصل السادستفاصيل نجاح الخطة التي رسمتها ريم للإيقاع بغريمها وتمكن سعيد من السطو على السيارة والنقود ، ويشرع سعيد مع الفصل السابع في تنفيذ ما عزم عليه من انتقام وكانت البداية بمنزل عليش الذي اقتحمه ليلا و باغث صاحبه بطلقة نارية أردته قتيلا ،وتعمد التغاضي عن الزوجة لرعاية ابنته سناء،ثم هرب سعيد من مسرح الجريمة بعدما تأكد من نجاح مهمته. إلا أن الفصل الثامن ينقل لنا المفاجأة ،إذ بعد تنفيذ الجريمة،لجأ سعيد إلى بيت الشيخ رجب فجرا واستسلم لنوم عميق امتد حتى العصر ،فاستيقظ على حلم مزعج يتداخل فيه الواقع بالخيال ،ويصله خبر وقوع جريمة ضحيتها رجل بريء يدعى شعبان حسن،فكان خبر فشل محاولته مخيبا يندر ببداية المتاعب والمصاعب،فهرب سعيد إلى الجبل تفاديا لمطاردة الشرطة.
 وهذا الحادث الطارئ أزم وضعية سعيد مما جعله مع الفصل التاسع يغير خطة عمله بالتوجه إلى نور،وقد استحسن مكان إقامتها المناسب لاختفائه عن أعين الشرطة، ورحبت نور برغبة سعيد في الإقامة عندها مدة طويلة ،وأبان سعيد عبر الفصل العاشر عن ارتياحه بإقامته الجديدة ،وكان خروج نور وبقائه وحيدا في البيت فرصة لاسترجاع ذكريات تعرفه على نبوية وزواجهما الذي أثمر البنت سناء. ،ثم التوقف عند غدر عليش وخيانة نبوية.ليعود إلى واقعه مع نور التي جاءته بالطعام والجرائد التي لا زالت مهتمة بتفاصيل جريمة سعيد ،مع إسهاب رءوف في تهويل وتضخيم صورة سعيد المجرم الذي تحول إلى سفاك الدماء،فطلب سعيد من نور شراء قماش يناسب بذلة ضابط لإعداد الخطة انتقامية جديدة ،ويعود سعيد مع الفصل الحادي عشر إلى الذكريات التي تنسيه عزلته في البيت عندما تغيب نور مسترجعا تفاصيل طفولته المتواضعة مع والده البواب،وكيف تأثر بتربية الشيخ علي الجنيدي الروحية،وإعجابه بشهامة رءوف الذي زرع فيه مبادئ التمرد وشجعه على سرقة الأغنياء كحق مشروع ،وتأتي نور لتقطع شريط الذكريات وهي منهكة من ضرب مبرح تلقته من زبنائها،مع محاولة سعيد الرفع من معنوياتها المنهارة والتخفيف من آلامها. ومعالفصل الثاني عشر يكون سعيد قد أكمل خياطة بذلة الضابط مما زاد تخوف نور من ضياع سعيد مرة أخرى خاصة وأن  الصحافة لا زالت منشغلة بجريمته الأولى ،والشرطة تشدد الخناق عليه ،فحذره طرزان من التردد على المقهى التي تخضع لمراقبة المخبرين.
    ويبدأ تأزم العقدة مع الفصل الثالث عشر عندما عاود سعيد زيارة طرزان الذي اخبره بتواجد المعلم بياضة لعقد صفقة،فاعترض سعيد المعلم بياضة لمعرفة مكان عليش ،إلا أنه أخلى سبيله بعد الفشل في جمع معلومات منه تفيد في معرفة مكان عليش وهو الأمر الذي جعله يغير وجهة الانتقام إلى رءوف ليشرع مع الفصل الرابع عشر في تنفيذ خطته بارتداء بذلة الضايط التنكرية والتوجه نحو بيت رءوف حيث باغته وهو يهم بالخروج من السيارة،ليفر سعيد بعد تبادل إطلاق النار مع عناصر الشرطة،وتعود نور للبيت متخوفة من ضياع سعيد بعد تداول خبر تعرض رءوف لمحاولة اغتيال .وجاء الفصل الخامس عشر يحمل أخبار إخفاق سعيد في قتل رءوف ،وسقوط البواب ضحية جديدة لخطأ سعيد، فكانت خيبته كبيرة ولم تزده إلا إصرارا على معاودة المحاولة مهما كلفه ذلك من ثمن .
ومع الفصل السادس عشر تبدأ الوضعية النهائية وتظهر النتيجة من خلال تطورات مفاجئة تسير عكس طموحات سعيد ، أولها غياب نور المفاجئ،و طرزان الذي زوده بالأكل وحذره من المخبرين الذين يتربصون بالمقهى.وتبدأ النهاية في الاقتراب مع الفصل السابع عشر عندما تأتي صاحبة بيت نور تهدد بالإفراغ  فأصبح البيت يشكل خطرا عليه، فقرر الهروب إلى طريق الجبل عند الشيخ علي ، حيث ستكون النهاية مع الفصل الثامن عشرعندما يستيقظ سعيد من نوم عميق فيجد المنطقة محاصرة بالشرطة ويتحصن بالمقبرة حيث كانت نهايته بعد مقاومة يائسة


من خلال هذه المضامين يتبين أن القوى الفاعلة هي صانعة الحدث ،وأول هذه القوى الشخصيات والبداية كانت مع سعيد مهران  بطل الرواية ، ضحية مؤامرة الغدر والخيانة خرج من السجن ليثأر من الكلاب ،بدأ في تنفيذ ما عزم عليه من انتقام وثأر، محتميا مع كل واقعة  بنور حتى تهدأ العاصفة ويسترجع أنفاسه،ويتحرك من جديد مع جريمة ثانية ،إلا أن الفشل كان يلاحقه في كل مرة ، فيفقد التركيز والقدرة على التحرك بحرية مما عجل بنهايته.
ويعتبر عليش صبي سعيد  بطل المؤامرة، أوقع بسعيد في السجن ليظفر بالمال ونبوية الزوجة الخائنة التي تواطأت مع عليش للتخلص من سعيد.أمارءوف ،صديق سعيد الذي زرع فيه مبادئ التمرد على المجتمع والطبقية وتنكر لها ولصديقه، تحول إلى عامل معاكس ،حرض الرأي العام وشدد الخناق على سعيد بمقالاته الصحفية المبالغة في تضخيم الحدث، ويصبح عامل موضوع عندما أصبح مستهدفا في عملية الانتقام ليزداد قوة كعامل معاكس أحبط خطة سعيد وأزم وضعيته.
 وتتوزع باقي الشخصيات بين شخصيات معارضة كالمخبر الذي لعب دور الوسيط بين سعيد وعليش ويقدم الدعم والحماية القانونية لعليش،و سكان الحارة ويرى فيهم سعيد امتدادا للخيانة والغدر بقبولهم التعايش مع عليش وخاصة المعلم بياضة. أما الشخصيات المساعدة فنجد طرزان صاحب المقهى، يمد سعيد بمساعدات تعينه على متابعة مخططه الانتقامي،ونور امرأة تمتهن الدعارة وتقدم الدعم والعون لسعيد إلى حد المخاطرة بحياتها ،فكانت عاملا مساعدا تمثل الخلاص الآمن لسعيد قبل أن تصبح عاملا معاكسا بغيابها الذي عجل بنهاية سعيد ،كما نجد الشيخ على الجنيدي صديق والد سعيد، ويمثل الجانب الروحي الغائب عن سعيد، فأصبح ملاذا لسعيد كلما ضاقت به السبل ،وهناك شخصيات عارضة وضعتها الصدفة في طريق سعيد ولم تسلم من شره كصاحب السيارة غنيمة عرضية مكن سعيد من انجاز خطته الانتقامية بكل سهولة،و شعبان حسن ثم البواب ضحية تقديرات سعيد الخاطئة ،في حين يبقى رجال الشرطة عاملا معاكسا ضيق الخناق على سعيد إلى حد القضاء عليه.
  وكانت المواقع هي المجال الذي تستثمر فيه الشخصيات الحدث والبداية من ميدان القلعة ، الحي الذي كان يقطنه سعيد ، منه دبرت مؤامرة سجنه، وإليه عاد للانتقام،وهو مسرح أول جريمة يقترفها ،ويعتبر طريق الجبل مأوى سعيد يلجأ إليه كلما ضاقت به السبل وعز الأصحاب كما مكنه من التخفي بعيدا عن أعين الشرطة ،و بيت رءوف يعتبر شاهدا على تبدل القيم وأول نقطة يباشر منها سعيد انتقامه وهو أيضا مسرح الجريمة الثانية الفاشلة،وهناك مواقع مساعدة كالمقهى الذي يمثل السند والحماية الخلفية لسعيد، و بيت نور عامل مساعد أيضا مكن سعيد من الشعور بالأمان، ومتابعة تطورات جريمته عن بعد قبل أن يتحول إلى مصدر تهديد لسعيد عند غياب نور المفاجئ ، وتمثل المقبرة النهاية الحتمية لأخطاء سعيد الطائشة.
   من هنا كانت الوقائع كلها تتمركز حول أطوار عملية الانتقام التي باشرها سعيد بعد خروجه من السجن ،حيث تكونت لديه معطيات مقنعة لتبرير عملياته الانتقامية ،والبداية كانت مع صديقه رءوف الذي أحبط محاولته، ليشرع سعيد في مباشرة خطة الانتقام بطريقة عملية ومدروسة،إلا أن الفشل كان حليفه مرة أخرى،ليعاود عملية انتقامية جديدة صوبت نحو رءوف وكانت ناجحة على مستوى الإعداد وفشلت بفعل التسرع والتهور. فضيق سعيد الخناق على نفسه حيث تمت محاصرته من كل الجوانب والقضاء عليه دون أن يظفر بشيء مما كان يخطط له .
 ففصول الرواية بكل تجلياتها تضعنا أمام وضع اجتماعي منحرف يجمع بين الجريمة وفساد القيم ،مع ما توفره السلطة من حماية وتغطية تزيد من قوة المفسدين الكبار ، إضافة إلى ما تكشف عنه الدعارة من مآسي إنسانية كارثيه ، و تجارة السلاح التي تغذي عنصر الجريمة وما يتنج عنها من ضحايا أبرياء لا علاقة لهم بالصراع.
 وأمام هذا الغليان الاجتماعي لا يمكن إلا أن نجد بعدا نفسيا يطبعه التوتر والتوجس كقاسم مشترك بين كل الشخصيات وإن اختلفت الأسباب والدوافع ،وقد تطور إلى الغضب والحقد والرغبة في الانتقام في سادية واضحة تغمر سعيد وهو يقبل على الانتقام ،أو رءوف وهو يتلذذ بمطاردة سعيد للتخلص منه، لتكون النهاية مثخنة بالإحباط والندم ثم الموت،بعد مشوار طويل من القلق والاضطراب والضياع.
  ونجيب محفوظ كان بارعا في نقل فصول وأطوار العملية الانتقامية التي كرس لها سعيد كل جهوده ،حيث أخضع الرواية لبناء محكم يبدأ بالوضعية الأولية،ثم سيرورة الحدث وتطوراته، وانتهاء بالوضعية النهائية التي تضعنا أمام نهاية الحدث والنتيجة التي آل إليها سعيد مهران.
ويستند الكاتب في نقل تفاصيل رواية "اللص والكلاب" إلى الرؤية من الخلف واستعمال ضمير الغائب والسارد المحايد الموضوعي الذي لا يشارك في القصة كما في الرؤية من الداخل، بل يقف محايدا من الأحداث يصف ويسرد الوقائع بكل موضوعية، فهو يملك معرفة مطلقة عن الشخصيات ويعرف كل شيء عن شخصياته المرصودة داخل المتن الروائي خارجيا ونفسيا.
ومن وظائف السارد في الرواية السرد والحكي، وهذه هي الوظيفة الأساسية للسارد، إضافة إلى وظيفة التنسيق بين الشخصيات، ووظيفة الوصف من خلال تشخيص الشخصيات ووصف الأمكنة والأشياء ، ووظيفة النقد التي تتجلى في نقد الواقع وتشخيص عيوبه ومساوئه الكثيرة ولاسيما تفاوته الاجتماعي والطبقي.
وهذا ما جعل الوصف ينصب على الأشخاص والأمكنة والأشياء والوسائل، وله وظائف جمالية ودلالية وتوضيحية تفسيرية. ويقوم الوصف بتمثيل الموجود مسبقا ومحاكاته من أجل الإيهام بوجوده الحقيقي والمرجعي (الإيهام بالواقعية). ويهتم الوصف في الرواية الواقعية بتحديد المجال العام الذي يتحرك فيه الأبطال. ويعني هذا أن الوصف يستخدم في تحديد الخطوط العريضة لديكور الرواية، ثم لإيضاح بعض العناصر التي تتميز بشيء من الأهمية.
ومن العناصر التي تم التركيز عليها وصفا وتشخيصا وتجسيدا تصوير الشخصيات فيزيولوجيا واجتماعيا وأخلاقيا ونفسانيا، كوصف سناء التي أثارت أباها سعيد مهران بوجودها الرائع؛ ويصف الكاتب رءوف علوان ساخرا من مبادئه الزائفة وثورته الواهمة التي ذهب ضحيتها كثير من الأبرياء والفقراء ، ووصف عليش سدرة و زوجته نبوية وخليلة سعيد نور في عدة مواضع من الرواية عبر مستويات خارجية واجتماعية وأخلاقية ونفسية تكشف لنا انتهازية عليش وخيانة رءوف علوان ومكر نبوية واستهتار نور، وصفاء الشيخ الجنيدي ونكران سناء لأبيها الخارج من السجن .
وينقل لنا الكاتب أمكنة متناقضة ، البعض منها يوحي بالغنى والثراء كڤيلا رءوف علوان الغاصة بالأشياء الثمينة، والبعض الآخر يوحي بالفقر والفاقة والخصاص كشقة نور.
و يلاحظ أن الكاتب لم يفصل كثيرا في وصف شخصياته وأماكنه وأشيائه ، بل اكتفى بفقرات موجزة ومقاطع موحية.
و يلاحظ أن الزمن السردي في الرواية زمن صاعد خطي ينطلق من حاضر الخروج من السجن إلى مستقبل الاستسلام والموت. بيد أن هذا الزمن ينحرف تارة إلى الماضي لاسترجاعه( فلاش باك)، أو إلى المستقبل من أجل استشرافه. و يزاوج الكاتب على مستوى الإيقاع بين السرعة والبطء،ويتجلى إيقاع السرعة في الحذف والتلخيص، أما إيقاع البطء فيكمن في الوقفة الوصفية والمشاهد الدرامية.
وبهذا، تتخذ الرواية طابعا سينمائيا حركيا ، لأن المتن الروائي كتب بطريقة السيناريو القابل للتشخيص السينمائي والإخراج الفيلمي الدرامي. وفعلا، فقد تم إخراج هذا الفيلم سينمائيا منذ سنوات مضت في مصر؛ نظرا لتوفر الرواية على لقطات بصرية وحركية تستطيع جذب المتفرج.
  وعلى مستوى الصياغة الأسلوبية وظف نجيب محفوظ في روايته عدة أساليب سردية لنقل الأحداث والتعبير عن مواقف الشخصيات. ولقد أكثر من السرد ليقترب من الواقع أكثر لمحاكاته وتسجيله وتشخيصه بطريقة تراجيدية. وفي نفس الوقت، يلتجئ إلى الحوار قصد معرفة تصورات الشخصيات وتناقض مواقفها الإيديولوجية. كما التجأ أيضاإلى المنولوجللتعبير عن صراع الشخصيات وتمزقاتها الداخلية ذهنيا ونفسيا.ويحضر أسلوب سردي آخر يسمى بالأسلوب غير المباشر الحر الذي يختلط فيه كلام السارد مع كلام الشخصية وهو كثير بين ثنايا الرواية وعلى الرغم من كل هذه الأساليب، فإن السرد يبقى هو المهيمن على غرار الروايات الواقعية والوجودية، كما استعان الكاتب بالوصف أثناء تقديم الشخصيات والأمكنة والأشياء والوسائل وتحيين المشاهد الدرامية.
وتمتاز لغة نجيب محفوظ بكونها لغة واقعية تصويرية تستند إلى تسجيل المرجع وتمويهه بلغة تتداخل فيها الفصحى والعامية المصرية ليقترب أكثر من خصوبة الواقع العربي المصري. لذالك استعمل الكاتب تعابير العامية المصرية وأساليبها وألفاظها وصيغها المسكوكة. كما استعمل قواميس تدل على حقول دلالية مثل: حقل الأثاث، وحقل الطبيعة، وحقل الدين والتصوف، وحقل الصحافة والإعلام، وحقل السلطة والجريمة، وحقل الوجود و العبث، وحقل القيم، وحقل المجتمع، وحقل السياسة....
وعلى الرغم من استخدام اللغة الطبيعية الواقعية المباشرة التي تنبني على الخاصية التقريرية الجافة الخالية من كل محسن بلاغي وشاعري، إلا أن الكاتب يوظف في بعض الأحيان تعابير قائمة على المشابهة ( التشبيه والاستعارة)، والمجاورة (المجاز المرسل والكناية)، واستعمال الرموز (اللصوص والكلاب...) لتشخيص الأحداث والمواقف وتجسيدها ذهنيا وجماليا.
وعلى الرغم من كلاسيكية بناء الرواية، فقد استفاد نجيب محفوظ من تقنيات الرواية الجديدة ومن آليات الرواية المنولوجية وتيار الوعي أثناء استعمال الحوار الداخلي والارتداد إلى الخلف واستشراف المستقبل وتوظيف الأسلوب غير المباشر الحر، كما استفاد كثيرا من الرواية الواقعية في تجسيد الواقعية الانتقادية ذات الملامح الاجتماعية والسياسية عبث الحياة وقلق الإنسان في هذا الوجود الذي تنحط فيه القيم الأصيلة وتعلو فيه القيم المنحطة.
    ملخص للرواية

يعتبر نجيب محفوظ من أهم الروائيين العرب الذين أرسوا دعائم الرواية العربية تجنيسا وتجريبا وتأصيلا وقد تميز نجيب محفوظ بتعدد أشكاله السردية وتعدد المواضيع والقضايا التي تناولها في إطار رؤى فلسفية مختلفة في تصوير مصر و تشخيص فضاء القاهرة. وبذلك، يكون نجيب محفوظ الناطق المعبر عن مجتمع مصر وتاريخها، ومن أهم الروايات التي أنتجها نجيب محفوظ رواية" اللص والكلاب" التي اتخذت طابعا رمزيا وذهنيا على مستوى المقصدية المرجعية والرسالة الفنية.
      رواية "اللص والكلاب "تقوم علي خط الصراع الأساسي بين "اللص والكلاب" أو سعيد مهران والمجتمع. وهذا الخط يلعب دور العمود الفقري الذي يربط فصول الرواية منذ أول سطر إلي آخر سطر فيها، فلا يتكلف نجيب محفوظ مقدمات لتقديم شخصياته ولكنه يدفع بالقارئ فورا إلي الموقف الأساسي في الرواية، ويمكن للقارئ أن يضع يده علي الخيط الأول وبذلك لا يحس بأنه يوجد هناك حاجز بينه وبين العمل الفني.

وتبدأ الوضعية الأولية مع الفصول الأربعة الأولى إذ يسجل الفصل الأول خروج سعيد مهران من السجن بعد أربع سنوات قضاها فيه، ويتوجه إلى الحي الذي كان يقطنه، ويجتمع سعيد مع عليش بحضور المخبر وبعض الجيران لمناقشة مطالبته بابنته وماله وكتبه.إلا أن عليش ينكر وجود المال ويرفض تسليم البنت بدون محكمة ويعطيه ما تبقى من الكتب. وأمام هذا الوضع المخيب لآماله، يبدأ سعيد مع الفصل الثاني التخطيط لمرحلة ما بعد السجن حيث توجه إلى طريق الجبل لمقابلة الشيخ صديق والده محاولا إقناعه بقبول ضيافته إلى أن يحقق الانتقام من زوجته الخائنة وعليش الغادر رافضا محاولة الشيخ تنيه عن قرار الانتقام بالتركيز في حواره على القيم الروحية المبنية على الإيمان ،وبعد قضاء سعيد أول ليلته في ضيافة الشيخ علي جنيدي ، يبدأ سعيد مع الفصل الثالث خطوة تالية يتوجه فيها صوب صديق الطفولة الصحفي رءوف ، حيث انتظره قرب البيت ،بعدما فشل في مقابلته بمقر جريدة "الزهرة"، وتبادلا ذكريات الماضي على مائدة الطعام ،وقد انزعج رءوف من تلميحات سعيد التي تنتقد ما عليه من جاه ومكانة اجتماعية فانتهى اللقاء بتأكيد رءوف على أنه أول وآخر لقاء له مع سعيد ،مما جعل سعيد يستكمل في الفصل الرابع شريط الخيانة التي تلقاها من أقرب الناس إليه عليش صبيه الذي بلغ عنه الشرطة للتخلص منه والإنفراد بغنيمة الزوجة والمال ،و نبوية الزوجة التي خانته بتواطئ مع صبيه عليش،ثم رءوف الانتهازي الذي زرع فيه مبادئ التمرد وتنكر هو لها. فكان كل ذلك دافعا قويا لاتخاذ قرار الانتقام والبداية برءوف أقرب فرصة مناسبة، إلا أن رءوف كان يتوقع عودته ونصب له كمينا أوقع به ليطرده من البيت خائبا.
     وتبدأ سيرورة الحدث مع الفصل الخامس بتوجه سعيد إلى المقهى حيث يتجمع أصدقاء الأمس،ومده صاحب المقهى "طرزان" بالمسدس الذي طلبه ،وكان الحظ في صفه هذه المرة عندما التقى ب "نور" التي خططت معه للتغرير بأحد رواد الدعارة وسرقة سيارته ،ويصور الفصل السادس تفاصيل نجاح الخطة التي رسمتها ريم للإيقاع بغريمها وتمكن سعيد من السطو على السيارة والنقود ، ويشرع سعيد مع الفصل السابع في تنفيذ ما عزم عليه من انتقام وكانت البداية بمنزل عليش الذي اقتحمه ليلا و باغث صاحبه بطلقة نارية أردته قتيلا ،وتعمد التغاضي عن الزوجة لرعاية ابنته سناء،ثم هرب سعيد من مسرح الجريمة بعدما تأكد من نجاح مهمته. إلا أن الفصل الثامن ينقل لنا المفاجأة ،إذ بعد تنفيذ الجريمة،لجأ سعيد إلى بيت الشيخ رجب فجرا واستسلم لنوم عميق امتد حتى العصر ،فاستيقظ على حلم مزعج يتداخل فيه الواقع بالخيال ،ويصله خبر وقوع جريمة ضحيتها رجل بريء يدعى شعبان حسن،فكان خبر فشل محاولته مخيبا يندر ببداية المتاعب والمصاعب،فهرب سعيد إلى الجبل تفاديا لمطاردة الشرطة.
 وهذا الحادث الطارئ أزم وضعية سعيد مما جعله مع الفصل التاسع يغير خطة عمله بالتوجه إلى نور،وقد استحسن مكان إقامتها المناسب لاختفائه عن أعين الشرطة، ورحبت نور برغبة سعيد في الإقامة عندها مدة طويلة ،وأبان سعيد عبر الفصل العاشر عن ارتياحه بإقامته الجديدة ،وكان خروج نور وبقائه وحيدا في البيت فرصة لاسترجاع ذكريات تعرفه على نبوية وزواجهما الذي أثمر البنت سناء. ،ثم التوقف عند غدر عليش وخيانة نبوية.ليعود إلى واقعه مع نور التي جاءته بالطعام والجرائد التي لا زالت مهتمة بتفاصيل جريمة سعيد ،مع إسهاب رءوف في تهويل وتضخيم صورة سعيد المجرم الذي تحول إلى سفاك الدماء،فطلب سعيد من نور شراء قماش يناسب بذلة ضابط لإعداد الخطة انتقامية جديدة ،ويعود سعيد مع الفصل الحادي عشر إلى الذكريات التي تنسيه عزلته في البيت عندما تغيب نور مسترجعا تفاصيل طفولته المتواضعة مع والده البواب،وكيف تأثر بتربية الشيخ علي الجنيدي الروحية،وإعجابه بشهامة رءوف الذي زرع فيه مبادئ التمرد وشجعه على سرقة الأغنياء كحق مشروع ،وتأتي نور لتقطع شريط الذكريات وهي منهكة من ضرب مبرح تلقته من زبنائها،مع محاولة سعيد الرفع من معنوياتها المنهارة والتخفيف من آلامها. ومع الفصل الثاني عشر يكون سعيد قد أكمل خياطة بذلة الضابط مما زاد تخوف نور من ضياع سعيد مرة أخرى خاصة وأن  الصحافة لا زالت منشغلة بجريمته الأولى ،والشرطة تشدد الخناق عليه ،فحذره طرزان من التردد على المقهى التي تخضع لمراقبة المخبرين.
    ويبدأ تأزم العقدة مع الفصل الثالث عشر عندما عاود سعيد زيارة طرزان الذي اخبره بتواجد المعلم بياضة لعقد صفقة،فاعترض سعيد المعلم بياضة لمعرفة مكان عليش ،إلا أنه أخلى سبيله بعد الفشل في جمع معلومات منه تفيد في معرفة مكان عليش وهو الأمر الذي جعله يغير وجهة الانتقام إلى رءوف ليشرع مع الفصل الرابع عشر في تنفيذ خطته بارتداء بذلة الضايط التنكرية والتوجه نحو بيت رءوف حيث باغته وهو يهم بالخروج من السيارة،ليفر سعيد بعد تبادل إطلاق النار مع عناصر الشرطة،وتعود نور للبيت متخوفة من ضياع سعيد بعد تداول خبر تعرض رءوف لمحاولة اغتيال .وجاء الفصل الخامس عشر يحمل أخبار إخفاق سعيد في قتل رءوف ،وسقوط البواب ضحية جديدة لخطأ سعيد، فكانت خيبته كبيرة ولم تزده إلا إصرارا على معاودة المحاولة مهما كلفه ذلك من ثمن .
ومع الفصل السادس عشر تبدأ الوضعية النهائية وتظهر النتيجة من خلال تطورات مفاجئة تسير عكس طموحات سعيد ، أولها غياب نور المفاجئ،و طرزان الذي زوده بالأكل وحذره من المخبرين الذين يتربصون بالمقهى.وتبدأ النهاية في الاقتراب معالفصل السابع عشر عندما تأتي صاحبة بيت نور تهدد بالإفراغ  فأصبح البيت يشكل خطرا عليه، فقرر الهروب إلى طريق الجبل عند الشيخ علي ، حيث ستكون النهاية مع الفصل الثامن عشرعندما يستيقظ سعيد من نوم عميق فيجد المنطقة محاصرة بالشرطة ويتحصن بالمقبرة حيث كانت نهايته بعد مقاومة
يائسة
  من خلال هذه المضامين يتبين أن القوى الفاعلة هي صانعة الحدث ،وأول هذه القوى الشخصيات والبداية كانت مع سعيد مهران  بطل الرواية ، ضحية مؤامرة الغدر والخيانة خرج من السجن ليثأر من الكلاب ،بدأ في تنفيذ ما عزم عليه من انتقام وثأر، محتميا مع كل واقعة  بنور حتى تهدأ العاصفة ويسترجع أنفاسه،ويتحرك من جديد مع جريمة ثانية ،إلا أن الفشل كان يلاحقه في كل مرة ، فيفقد التركيز والقدرة على التحرك بحرية مما عجل بنهايته.
ويعتبر عليش صبي سعيد  بطل المؤامرة، أوقع بسعيد في السجن ليظفر بالمال ونبوية الزوجة الخائنة التي تواطأت مع عليش للتخلص من سعيد.أما رءوف ،صديق سعيد الذي زرع فيه مبادئ التمرد على المجتمع والطبقية وتنكر لها ولصديقه، تحول إلى عامل معاكس ،حرض الرأي العام وشدد الخناق على سعيد بمقالاته الصحفية المبالغة في تضخيم الحدث، ويصبح عامل موضوع عندما أصبح مستهدفا في عملية الانتقام ليزداد قوة كعامل معاكس أحبط خطة سعيد وأزم وضعيته.

           شاركونا بتعاليقكم